الثاني : لو سلّمناه ولكن الغرض منه تسهيل الأمر للمستعملين في التعبير عن المعنى الموضوع له ، بلحاظ كثرة ابتلاء الناس بهذا المعنى ، ولذا اقتضت المصلحة أن يحكي أكثر من لفظ واحد عن هذا المعنى ، ولا يخفى أنّ هذا الغرض ليس موجودا في ما نحن فيه ، فإنّ هيئة المركّب ومجموع المركّب أمران متلازمان غير قابلين للتفكيك ، فيلزم اللّغوية.
مضافا إلى أنّ هذا الوضع يستلزم إفادة المعنى الواحد مرّتين والانتقال إليه بانتقالين ؛ لأنّ تعدّد الوضع يقتضي تعدّد الإفادة والانتقال ، بحيث كان انتقال الثاني في عرض انتقال الأوّل ؛ لتحقّق كلّ من الدالّين في عرض تحقّق الآخر ، وهذا مخالف للوجدان.
وأمّا الدليل الثاني فهو ما قال به ابن مالك ، وهو : أنّه لو كان لمجموع مركّب «زيد قائم» وضع على حده ، فلا محالة لا يكون وضعا نوعيّا ؛ إذ كلّ واحد من المركّب كان مباينا للآخر ، ولذا لا يتصوّر أن يكون الوضع نوعيّا ، فيكون الوضع فيه شخصيّا ولكنّه مردود لوجهين :
الأوّل : أنّ المركّب لا يعدّ ولا يحصى باعتبار الزمان والأشخاص ، واللّغات ، فلا يمكن الوضع فيه.
الثاني : بأنّ وضع المركّب يوجب تعطيل الخطابة وابتكار الكلام وتشكيل الجملات الذوقيّة ، فإنّ المتكلّم لا بدّ له أن يلاحظ كلّ جملة بأنّ لها وضعا أم لا ، فانقدح من ذلك أنّ أصل الوضع فيه مردود ، كما لا يخفى على المتفطّن.