البحث فيه يقع في مقامين : الأوّل : في ملاك هذا الأصل ، والثاني : في مورد هذا الأصل.
أمّا البحث في المقام الأوّل : فيحتمل أن يكون هذا الأصل استصحابا عقلائيّا ، فإنّ الوضع للمعنى الأوّل متيقّن ، والشكّ في حدوث النقل بالوضع التعييني أو التعيّني ، فتجري أصالة عدم النقل ، ولكنّ الظاهر أنّ الاستصحاب بما هو هو ليس بحجّة عندهم ، واتّكاؤهم بحسب الظاهر عليه ليس بسبب الاستصحاب ، بل كان بسبب اطمئنان البقاء في أكثر الموارد كالرجوع إلى الدار للاطمئنان ببقائها ، فلا يكون هذا الأصل استصحابا عقلائيّا.
ويمكن أن يقال : إنّ الملاك فيه عبارة عن تحقّق غرض الوضع ـ أي التفهيم والتفهّم بسهولة ـ إذ لو لم يكن هذا الأصل في موارد مشكوكة لم يتحقّق غرض الوضع.
وقال سيّدنا الاستاذ ـ دام ظلّه ـ (١) : إنّ المدرك لهذا الأصل عندهم هو حكم الفطرة الثابتة لهم من عدم رفع اليد عن الحجّة ـ أي الوضع للمعنى الأوّل ـ بلا حجّة ، وعن الظهور الثابت بمجرّد الاحتمال ، ولكنّ المهمّ أصل تحقّق هذا البناء لا ملاكه كما لا يخفى.
وأمّا البحث في المقام الثاني فإنّه كان لهذا الأصل مورد مسلّم وموارد مشكوكة ، والأوّل فيما إذا كان أصل الوضع مسلّما وتحقّق النقل مشكوكا ، فههنا يجري هذا الأصل بلا إشكال. ومن الثاني العلم بتحقّق النقل والشكّ في تقدّمه على الاستعمال وتأخّره عنه.
والحقّ أنّا نعلم بعدم بنائهم على جريانه هاهنا ، ولا أقلّ من الشكّ في بنائهم ،
__________________
(١) مناهج الوصول إلى علم الاصول ١ : ١٣٢ ، تهذيب الاصول ١ : ٦١ ـ ٦٢.