مع أنّه لو سلّمنا ثبوت تأخّر الصدور عن الوضع بالاستصحاب فلا يترتّب عليه أثر شرعي ؛ إذ لا يكون في لسان الدليل الشرعي موضوع له ، بأنّه إذا كان الاستعمال متأخّرا عن الوضع فيجب أن يحمل على المعنى الشرعي ، بل هو حكم عقليّ.
على أنّه لو قلنا بصحّة جريانه فهي منحصرة بصورة العلم بتأريخ الوضع والشكّ في تأريخ الاستعمال ، وأمّا إذا كان كلاهما مجهول التأريخ فيكون كلاهما أمرا حادثا ، ويجري الأصل المذكور فيهما معا ، فلا يكون هذا الأصل قابلا للتمسّك أصلا.
وأمّا القول الثاني ـ وهو الحمل على المعنى اللّغوي ؛ لأصالة عدم النقل ـ فقد ذكرنا فيما تقدّم أنّها أصل عقلائي ، إلّا أنّ مورده عبارة عن الشكّ في أصل النقل إلى المعنى الحادث ، وأمّا إذا كان أصل النقل متيقّنا وتقدّمه على الاستعمال كان مشكوكا فنعلم بعدم جريان أصالة عدم النقل فيه ، ولا أقل من الشكّ في جريانه ، فيحتاج جريان أصل مشكوك الاعتبار إلى دليل ، ومعلوم أنّه لا دليل على جريانه.
والحاصل : أنّه ولو كان أصل ترتّب الثمرة على هذا البحث ـ مع قطع النظر عن الجهات المذكورة في ابتداء البحث ـ قابلا للمساعدة عليه إلّا أنّ شرطه إحراز تأخّر الاستعمال عن الوضع ، وهو يتّفق نادرا لا دائما كما هو المعلوم. هذا تمام الكلام في البحث عن الحقيقة الشرعيّة.