«زيد» من السفر معلوم ، ولكن لا نعلم تحقّقه في يوم الخميس أو الجمعة ، فأصالة تأخّر الحادث حاكم بتحقّقه في يوم الجمعة ـ فجوابه إنّا من العقلاء ولا نرى عندهم من هذا الأصل أثرا ولا خبرا حتّى يزيل به الشكّ ، بل العقلاء يحكمون بالتبيّن في المثال المذكور.
وأمّا إذا كان الاستناد إليه من حيث كونه أصلا شرعيّا بدليل «لا تنقض اليقين بالشكّ» (١) فهو أيضا مردود ؛ إذ لا بدّ في الاستصحاب أوّلا : من حالة متيقّنة سابقة ، وثانيا : من كون المستصحب حكما شرعيّا ـ مثل : استصحاب وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة ـ أو موضوعا للحكم الشرعي ـ مثل : استصحاب عدالة «زيد» لجواز الاقتداء به ـ وإلّا فلا معنى لجريانه ، ولو كان المستصحب ملازما لشيء يكون هذا الشيء موضوعا للحكم الشرعي.
وحينئذ إذا كان في المثال المذكور نفس عنوان التأخّر مجرى الاستصحاب فلا يتحقّق فيه الشرط الأوّل ؛ إذ ليس له حالة سابقة متيقّنة. وأمّا إذا كان المستصحب عدم مجيء «زيد» يوم الخميس ـ كما في المثال المذكور ـ فلا يتحقّق فيه الشرط الثاني ، فإنّا نتيقّن بعدم صدور «صلّ عند رؤية الهلال» في أوائل ظهور الإسلام ـ مثلا ـ لأنّه فرضنا أنّ الوضع تحقّق في السنة الخامسة من البعثة ، ونشكّ في صدور هذه الجملة في السنة الرابعة أو السادسة ، فيستصحب عدم صدورها قبل السنة السادسة ، فيكون المستصحب أمرا عدميّا ، ولا يكون حكما شرعيّا ولا موضوعا للحكم الشرعي.
نعم ، هو ملازم لتأخّر الصدور عن الوضع ، فيحمل على المعنى الشرعي ، ولكنّه ملازم عقليّ ، وهو كما ترى.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١.