الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات ، فإنّ معناه وضع ألفاظ العبادات لتلك المرتبة الخاصّة من الوجود الخارجي ، وهو كما ترى.
وثانيا : أنّه غير معقول ، فإنّ اتّحاد مقولة مع مقولة اخرى في الوجود بديهي الاستحالة ؛ إذ لا ريب في أنّ للعرض وجودا مستقلّا رغم قوامه بالمعروض ، مع هذا فللجسم وجود ، وللبياض وجود آخر ؛ لأنّهما من مقولتين ، وإذا كان الأمر في باب العرض والمعروض كذلك فكيف الحال في الصلاة المركّبة من مقولات متباينة؟! فتكون للصلاة وجودات متعدّدة ، فلا محالة يكون ما فرض جامعا عنوانيّا لها.
هذا ، وللمحقّق الأصفهاني قدسسره (١) بيان آخر في تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة ، ومحصّل كلامه أنّه ذكر في الابتداء مقدّمة ، وهي : أنّ سنخ المفاهيم والماهيّات ، وسنخ الوجودات العينيّة والواقعيّات في مسألة السعة والإطلاق متعاكسان ، فإنّ سعة سنخ الماهيّات والمفاهيم من جهة الضعف والإبهام ، ولذا كلّما كان الضعف والإبهام فيها أكثر كان الإطلاق والشمول أوفر.
وأمّا سعة سنخ الوجود الحقيقي من فرط الفعليّة وقلّة الإبهام ، ولذا كلّما كان الوجود أشدّ وأقوى كان الإطلاق والسعة أعظم وأتمّ.
ثمّ قال : إنّ الماهيّات على قسمين : أحدهما : ماهيّات حقيقيّة متأصّلة ، وثانيهما : ماهيّات اعتباريّة غير متأصّلة ، فإن كانت الماهيّة من الماهيّات الحقيقيّة كان ضعفها وإبهامها بلحاظ الطوارئ وعوارض ذاتها ، لا بلحاظ ذات الماهيّة ، كالإنسان ـ مثلا ـ فإنّه لا إبهام فيه من حيث الجنس والفصل المقوّمين لحقيقته ، إنّما الإبهام فيه من حيث الشكل وشدّة القوى وضعفها ،
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ١٠١ ـ ١٠٢.