والحاصل : أنّ في مرحلة النزاع بينهما لا محلّ للتمسّك بالإطلاق ، وفي مرحلة تحقّق الإطلاق لا نزاع بينهما في أنّ المأمور به هي الصلاة الصحيحة ، وفي هذه المرحلة لا يجوز التمسّك بالإطلاق على كلا القولين فلا ثمرة في البين.
وجوابه يحتاج إلى الدقّة والتأمّل ، فإنّ المأمور به على كلا القولين وإن كان هو الصلاة الواجدة لجميع الأجزاء والشرائط فلا فرق بينهما من هذه الناحية ، إلّا أنّ الاختلاف بينهما في أنّ صدق اللفظ على الفاقد لجزء المشكوك معلوم عند الأعمّي وغير معلوم عند الصحيحي.
توضيح ذلك : أنّ القائل بالصحيح يدّعي أنّ ماهيّة الصلاة ومفهومها ، ما في قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) عبارة عن معنى لا ينطبق إلّا على الأفراد الصحيحة والواجدة لجميع الأجزاء والشرائط ، فإذا شكّ في جزئيّة شيء ـ كالسورة للصلاة ـ فلا يجوز له التمسّك بإطلاق (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ؛ إذ الشكّ في الجزئيّة مساوق للشكّ في صدق عنوان الصلاة ، فلا معنى للتمسّك به في الشكّ في المصداق.
وأمّا القائل بالأعمّ فيدّعي أنّ لفظ «الصلاة» وضع للأعمّ من الصحيحة والفاسدة ، ولكنّ المراد من الصلاة في قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) هو الصلاة الصحيحة ، ولا يخفى أنّه لم يلتزم بمجازيّة استعمال ألفاظ العبادات في تلك الموارد ، بأنّ استعمال لفظ الموضوع للعامّ أو المطلق في الخاصّ أو المقيّد مجاز ، كما أنّه لم يلتزم أحد بحذف وصف الصحيحة في الموارد التي ذكر فيها كلمة الصلاة فإنّه ممّا لم يلتزم به العالم فضلا عن الفاضل ، بل الظاهر أنّ المتكلّم إذا قال : «اعتق رقبة» ثمّ قال : «لا تعتق الرقبة الكافرة» تحقّقت هنا إرادة استعماليّة وإرادة جدّيّة ، ولا شكّ في أنّ الإرادة الاستعماليّة تعلّقت بمطلق الرقبة بعنوان بيان حكم كلّي ، فإن لم يتحقّق دليل المقيّد كانت الإرادة الجدّيّة تابعة للإرادة