المجهولة بالذات وبالآثار من لفظ الصلاة ـ مثلا ـ.
ومن هنا يعرف حال صحّة السلب عن الفاسد أيضا ؛ إذ القول بأنّ الصلاة الفاسدة ليست بماهيّة الصلاة متوقّف على العلم بالماهيّة بوجه من الوجوه ، وإذا كانت الماهيّة مجهولة بالذات وبالآثار لتأخّرها بمرتبتين عن الماهيّة ـ كما مرّ آنفا ـ فلا يعقل سلب المجهول بما هو مجهول عن شيء ، بل هو مستحيل كما لا يخفى.
ثمّ قال : يمكن تصحيح دعوى التبادر وصحّة السلب إمكانا لا وقوعا ؛ إذ ليس كلّ ممكن بواقع ، وهو متوقّف على بيان مقدّمتين :
إحداهما : أنّ الغرض من الوضع ـ كما مرّ ـ عبارة عن التفهيم والتفهّم بسهولة ، فإنّ الإنسان بعد لحاظه أنّ إيفاء المقاصد من طريق الإشارة بالأعضاء مشكل بل مستحيل في بعض الموارد جعل الألفاظ علامة للمعاني لسهولة التفهيم والتفهّم بها ، وهذا أمر جعلي اعتباري.
ثانيهما : أنّ الواضع في مقام وضع اللفظ لمعنى كلّي لا ضرورة له أن يكون عالما بالموضوع له بجنسه وفصله وسائر الجهات ، كما أنّ الواضع للأعلام الشخصيّة ـ مثل الأب ـ لا يكون عالما بخصوصيّات جنس المولود وفصله وخلقه وحتّى خلقه أحيانا مع ذلك يضع لفظ «عليّ» ـ مثلا ـ لمولوده.
وكذلك في وضع أسماء الأجناس ، بلا فرق بينهما من هذه الحيثيّة ؛ إذ لا إشكال في قول الواضع ـ مثل يعرب بن قحطان ـ في مقام وضع كلمة الإنسان لوجود كذا : وضعت لفظ «الإنسان» لنفسي وأمثالي ، مع أنّه لا دليل لنا على علمه بجنسه وفصله ، إلّا أنّ واضع ألفاظ العبادات على تقدير ثبوت الحقيقة الشرعيّة هو الشارع ، ولا شكّ في أنّه عالم بماهيّة الموضوع له بتمامها وكمالها ،