في وعاء تقرّرها ، بل الوجود والعدم يعرضان لها بعنوان الوصف. ولذا يقال : الماهيّة قد تكون موجودة وقد تكون معدومة ، أو يقال : الماهيّة موجودة ، ولا يقال : الوجود ماهيّة ، فالماهيّة متقدّمة على الوجود كتقدّم الجسم على الأعراض ، فكما أنّ لوازم الماهيّة متأخّرة عنها نحو تأخّر الزوجيّة عن الأربعة ، فكذلك الوجود متأخّر عنها ، بل تأخّره أظهر منه ؛ لأنّه قابل للانفكاك عنها بخلاف لوازمها ، وهكذا هي متقدّمة على لوازم الوجود بمرتبتين ؛ لتوسّط الوجود بينها وبين لوازم الوجود ، كما هو المعلوم.
المقدّمة الثانية : في أنّ الانتقال من شيء إلى شيء آخر يحتاج إلى العلّة والدليل ، فلا يمكن الانتقال إلى ماهيّة الإنسان من الحجر. نعم ، يصحّ الانتقال من ماهيّة الأربعة إلى لازمها ـ أي الزوجيّة ـ لشدّة الانس والارتباط بينهما ، وأمّا الانتقال من العلّة إلى المعلول أو بالعكس في برهان الإنّ واللمّ فهو مربوط بالوجود ، فإنّا نستكشف وجود المعلول من وجود العلّة أو بالعكس ؛ إذ المشكوك هو الوجود لا الماهيّة ، فالانتقال إلى الماهيّة يحتاج إلى الدليل ، ولا يخفى أنّ التبادر مربوط بعالم الماهيّة ، فإنّ ألفاظ العبادات كأسماء الأجناس وضعت للماهيات ، فلا دخل لها في عالم الوجود ، فنستكشف بواسطة التبادر ـ كمراجعة الكتب اللغويّة ـ أنّ الألفاظ لأيّ ماهيّة وضعت.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّه لا شكّ في أنّ النهي عن الفحشاء ، والمعراجيّة وأمثالهما من لوازم الوجود الخارجي ، لا من آثار الماهيّة ، فكيف يمكن الانتقال من آثار الوجود الخارجي إلى الماهيّة مع تأخّرها عن الماهيّة الموضوع لها بمرتبتين؟! فلا معنى للانتقال من العرض المفارق ـ أي الوجود ـ إلى المعروض ـ أي الماهيّة ـ فضلا عن لوازم العرض ، فلا يعقل تبادر الماهيّة