من علائم الحقيقة ، بل لعلّه كان علامة وحيدة لها».
ثمّ استشكل عليه بأنّه كيف تصحّ دعوى تبادر الصحيح من ألفاظ العبادات مع ما تقدّم في مقام تصوير الجامع على هذا القول من أنّ الجامع لا طريق للعلم به؟! إلّا أنّه قابل للإشارة إليه من طريق الآثار كالناهي عن الفحشاء وما هو معراج المؤمن وأمثال ذلك ، فالجمع بين تبادر الصحيح منها وبين عدم العلم بالجامع بعينه جمع بين المتناقضين لمنافاة التبادر مع إجمال المعنى.
وقال قدسسره في مقام الجواب عنه : إنّ المنافاة بينهما إنّما تتحقّق فيما إذا كان المجمل مجملا من جميع الجهات ، وأمّا إذا كان مجملا من جهة ومبيّنا من جهة اخرى ـ مثل منشئيّتها للآثار كالمعراجيّة وغيرها ـ فيكفي ذلك في صحّة دعوى التبادر. نعم ، يتوجّه هذا الإشكال إلى الأعمّي ، فإنّه لو ادّعى التبادر على مدّعاه بعد كون الجوامع المتصوّرة عندهم جميعا مخدوشة ، فيستشكل عليه بأنّ الجامع إذا لم يكن مبيّنا لا بالذات ولا بالآثار كيف يتبادر إلى الأذهان؟! هذا محصّل كلامه قدسسره.
ولكن أشكل عليه استاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ (١) وإشكاله يبتني على مقدّمتين :
الاولى : في أنّ الماهيّات في وعاء تقرّرها متقدّمة على الوجود ، ولا يكون وعاء تقررها في عرض تحقّق الوجود ، بل هي بعنوان الموصوف متقدّمة من حيث الرتبة على الوجود ، ويشهد له قولهم : بأنّ الماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي ، لا موجودة ولا معدومة ، يعني : لا ارتباط بينها وبين الوجود والعدم
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٨٢ ـ ٨٤.