ـ مثلا ـ فإنّه إنسان مع الخصوصيّات الفرديّة ، ومتعلّق الحكم عبارة عن الإنسان الكلّي ، وهكذا في ما نحن فيه ؛ فإنّ لعنوان الوفاء بالنذر مصاديقا متعدّدة ، مثل : نذر إعطاء الصدقة إلى الفقراء ، ونذر إتيان صلاة الليل ، ونذر ترك الصلاة في الحمّام. ولا يصحّ القول بأنّ المولى حيث أوجب الوفاء بالنذر فأوجب علينا إتيان صلاة الليل المنذورة ؛ إذ الواجب هو عنوان الوفاء بالنذر ، وصلاة الليل باقية على استحبابها ، فالتعبير بأنّ الحجّ ـ مثلا ـ قد يجب بالنذر لا يخلو عن مسامحة ، فإنّ دليل الوفاء بالنذر لا يسري عن متعلّقه إلى غيره أصلا ، فلا يجب بالنذر إلّا الوفاء به ، مع أنّ البرهان يقتضي عدم وجوب المستحبّ بالنذر ؛ إذ لو فرضنا وجوبه بعده هل يبقى الاستحباب أم لا؟ فعلى الأوّل : يلزم أن تكون صلاة الليل ـ مثلا ـ في آن واحد معروضا للحكمين ، وهو كما ترى.
وعلى الثاني : يلزم انهدام ما هو مصحّح النذر ومقوّم وجوب الوفاء به ـ أي الاستحباب والرجحان بواسطة الوجوب ـ وهو غير معقول ، فإنّ انهدام الاستحباب يستلزم انهدام الوجوب وزواله ، فالاستحباب باق على حاله ، والواجب هو الوفاء بالنذر ، كما لا يخفى.
ومن المعلوم أنّ من شرائط انعقاد النذر وصحّته أن يكون المنذور فعل عمل راجح أو ترك عمل مرجوح ، وما نحن فيه من القسم الثاني ، فيجب الوفاء به بعد انعقاده ، بدليل : «أوفوا بالنذور» ، وهو تكليف وجوبي ، ولم يعقل تبدّل التكاليف الوجوبيّة بالتكاليف التحريميّة ، ولا دليل على حرمة مخالفة النذر ، فليس هاهنا تكليف تحريمي أصلا ، ولذا لم يعاقب تارك الصلاة ـ مثلا ـ عقوبتين ، عقوبة على ترك إتيان الواجب ، واخرى على ارتكاب المحرم ، وهكذا