وأمّا الصورة التي اختلفوا فيها فهي أن تكون الواسطة جزء داخليّا أعمّ من المعروض ، مثل : الإنسان ماشي لأنّه حيوان.
وأمّا الصّور التي تكون من الأعراض الغريبة وخارجة عن العنوان فهي ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، وفسّر المرحوم صدر المتألّهين في كتاب الأسفار العرض الذاتي عند المشهور بقوله : «إنّه ما يلحق الشيء لذاتيّه أو لأمر يساويه» (١).
ومراده ما يعرض الشيء من دون واسطة أو بواسطة مساوية للمعروض ، داخليّة كانت أو خارجيّة ، ومعلوم أنّ هذا التفسير يقتضي انطباقه على الثلاثة التي ذكرناها آنفا أيضا.
ثمّ قال قدسسره : فأشكل الأمر عليهم لما رأوا أنّه قد يبحث في العلوم عن الأحوال التي يختصّ ببعض أنواع الموضوع ، بل ما من علم إلّا ويبحث فيه عن الأحوال المختصّة ببعض أنواع موضوعه.
وقد مرّ أنّ النوع لا يكون داخلا في الجنس ، فلا مدخليّة للإنسان في ماهيّة الحيوان ، لا بعنوان الجنسيّة ولا بعنوان الفصليّة ، ولذا إن عرض شيء على الإنسان ـ كالتعجّب مثلا ـ وحملناه على الحيوان لم يكن عرضا ذاتيّا له ، فإنّ التعجّب لا يكون من العوارض الذاتيّة للحيوان ، ولا تكون الواسطة ـ أي الإنسان ـ مساوية له ، مثلا : موضوع علم النحو الكلمة والكلام ومسائله : الفاعل مرفوع ، والمفعول منصوب ، والمضاف إليه مجرور ، ومعلوم أنّ المرفوعيّة التي تكون من عوارض الفاعل هي نوع من الكلمة وأخصّ منه ، فلا تكون من العوارض الذاتيّة للكلمة والكلام ، بل هي من العوارض الغريبة للموضوع
__________________
(١) الأسفار ١ : ٣٠.