والثانية : أنّ المسبّب ـ كالملكيّة ـ وإن كان من الامور الاعتباريّة إلّا أنّها تتعدّد باختلاف طرف إضافتها ، فإنّ ملكية «زيد» للكتاب غير ملكيّة «عمرو» له ، وإذا صار ملكا له فهذه ملكيّة اخرى لا نفس تلك الملكيّة ، وهكذا ملكيّة «زيد» لكتابه غير ملكيّته لداره ، فللملكيّة مصاديق متعدّدة ، إلّا أنّ جميعها مشتركة في الملكيّة الاعتباريّة كاشتراك أفراد الإنسان في الماهيّة النوعيّة ـ أي الإنسانيّة.
وإذا عرفت ذلك فنقول : إنّ الأسباب المتعدّدة التي يكون بعضها متيقّن السببيّة وبعضها مشكوك السببيّة ليس لها مسبّب واحد حتّى لا يكون إمضاء المسبّب ملازما لإمضاء الأسباب المشكوكة ، بل كان لكلّ سبب مسبّب خاصّ ، فإذا باع أحد كتابه ببيع المعاطاة أو العقد بالفارسيّة فلا شكّ في تحقّق السبب العرفي وشمول إطلاق (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) له ، ولا معنى لإمضاء الملكيّة الحاصلة عقيب المعاطاة والبيع بالفارسيّة ، بدون إمضاء هذين السببين ، فلا محالة إمضاء المسبّب يستلزم إمضاء السبب أيضا.
وبعبارة اخرى : أنّ المراد من وحدة المسبّب ما هو؟ فإن كان المراد الوحدة الشخصيّة الخارجيّة فهو خلاف الواقع ، فإنّ لكلّ بيع مسبّبا خاصّا ، ويدلّ عليه تغيير الملكيّة بتغيير طرف إضافتها. وإن كان المراد منها الوحدة النوعيّة والسنخيّة وله مصاديق متعدّدة ـ وإطلاق الآية الشريفة يشمل جميعها ـ فإمضاء المسبّب بالإطلاق إمضاء للسبب العرفي ، ولو كان مشكوكا من حيث الشرع فلا يعقل صحّة الملكيّة الواقعة عقيب المعاطاة بدون المعاطاة ، ولا يكاد ينفكّ إمضاء المسبّب عن السبب ، فيتمسّك في موارد الشكّ بالإطلاق، وينفى به مشكوك الشرطيّة أو الجزئيّة.