مخدوشة.
وثانيا : أنّه لو فرضنا صحّة كلامه قدسسره من ناحية الكبرى لكن لا تجري صغرى بيانه في جميع المشتركات اللفظيّة ؛ إذ كان من أقسامها الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ ، وهو عبارة عن لحاظ الواضع معنى كلّيّا ووضع اللفظ لمصاديقه وأفراده ، ومعلوم أنّ اللّفظ هنا كان واحدا والمعنى متعدّدا بتعدّد أفراد العامّ والكلّي ، فيتحقّق الاشتراك بين المعاني المتعدّدة بوضع واحد ، فلا تكون المعاني حين الوضع في حال الوحدة ومتّصفة بصفة الوحدة ، فلا يجري كلامه قدسسره في هذا النوع من المشترك اللفظي ، ولم نجد في هذه المرحلة دليلا على عدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، مع أنّا نرى في كلمات الادباء والشعراء استعماله كذلك ، ولا يمكن الالتزام بأن يكون استعمالهم غير جائز.
فثبت إلى هنا أنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ليس بمستحيل ، ولا دليل على منع الواضع من هذا الاستعمال كما عرفت ، ولكنّ البحث في أنّ هذا الاستعمال هل يكون بنحو الحقيقة مطلقا ، أو بنحو المجاز مطلقا ، أو يكون في المفرد بنحو المجاز وفي التثنية والجمع بنحو الحقيقة؟ فتكون في المسألة ثلاثة أقوال ، والعمدة هنا بيان قول صاحب المعالم قدسسره (١) ـ يعني القول الأخير ـ وفي ضمن تبيينه يظهر ما هو الحقّ منها.
واستدلّ صاحب المعالم لمدّعاه بأنّ الموضوع له في الألفاظ المشتركة ليس هو ذوات المعاني ، بل هو عبارة عن المعنى مقيّدا بقيد الوحدة ، فيكون الموضوع له كلّ واحد من المعاني مشروطا بشرط الوحدة ، وللقيد دخل في الموضوع له بعنوان الجزئيّة ، فإذا استعمل لفظ «العين» ـ مثلا ـ في أكثر من
__________________
(١) معالم الدين : ٣٩.