مجال دون هذا.
فيستفاد من تعليله أنّه قائل بعقليّة النزاع في المقام ، وإلّا لا بدّ أن يقيم الدليل على أنّ الواضع وضع لفظ المشتقّ للمعنى الأعمّ من المتلبّس وما انقضى عنه المبدأ ، ولكنّ أصل كلامه ليس بتامّ ، فإنّ العقل ناظر إلى الحقائق والواقعيّات ولا يكون من أهل المسامحة ، فحينئذ بعد القول بأنّ المشتقّ عنوان يتحقّق من قيام العرض بالمعروض يحكم العقل بأنّ «زيدا» اليوم لا يكون متلبّسا بالعرض حقيقة ؛ إذ لا فرق عقلا بين المتلبّس بالمبدإ في ما مضى والتلبّس به في المستقبل ، ويصدق الفاقديّة للعرض على الذات في كلتا الصورتين بلا فرق بينهما أصلا ، وهذا بعينه دليل على أنّ المسألة لغويّة لا عقليّة ، وحينئذ لا بدّ لنا من تبعيّة الوضع متعبّدا وملاحظة أنّ الموضوع عنده عبارة عن خصوص المتلبّس بالمبدإ أو الأعمّ من المتلبّس بالفعل ومن قضى.
ويستفاد أيضا عقليّة المسألة عنده من تعليله لخروج العناوين الذاتيّة عن محلّ النزاع بأنّ شيئيّة الشيء بصورته لا بمادّته ، وإنسانيّة الإنسان ليست بالصورة الترابيّة ، بل إنّما تكون بالصورة النوعيّة التي بها يمتاز الإنسان عن غيره. وإقامة هذا الدليل الفلسفي دليل على أنّه قائل بأنّ المسألة عقليّة ، مع أنّ المسألة لغويّة ولا ربط لها بالعقل أصلا ، كما لا يخفى على المتأمّل.
الأمر الثاني : في أنّ أيّ العناوين داخلة في محلّ الكلام ، وأيّ العناوين خارجة عنه ، ولا يخفى أنّ هنا حيثيّتين ، ولا بدّ من انفكاك كلّ منهما عن الاخرى وإن اختلطا في تقريرات (١) الإمام قدسسره على المقرّر ، وهكذا خلط بينهما
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٩٩.