فإنّ استتار القرص حسّي معلوم لنا بالعيان ، وذهاب الحمرة غير متحقّق كذلك ، فما هو المستصحب؟ وما نحن فيه من هذا القبيل بعينه ، فإنّ الشبهة فيه مفهوميّة ، والموضوع له مردّد بين خصوص المتلبّس أو الأعمّ منه ومن المنقضي ، فإذا كان «زيد» عالما وتشريع الحكم أيضا كان في زمانه تلبّسه بالعلم ، ففي زمان انقضائه عنه ما ذا يستصحب؟ فإن قلنا بالاستصحاب الحكمي ـ يعني زيد كان واجب الإكرام فبعد الشكّ يستصحب وجوب إكرامه ـ فهو مردود ؛ بأنّ وجوب الإكرام في السابق كان بلحاظ تلبّسه بالعلم قطعا ، وجريان الحكم فيه بعد الانقضاء ليس إلّا بمعنى جريان حكم متيقّن العالميّة في حقّ مشكوك العالميّة ، وهو كما ترى. فإن قلنا : بالاستصحاب الموضوعي ـ أي العالميّة ـ فهو أيضا مردود ؛ بأنّا لا نشكّ في أمر خارجي ؛ إذ لا شكّ في أنّ زيدا كان متلبّسا بالعلم في الأمس وانقضائه عنه الآن ، بل الشكّ في مفهوم العالم ، وجريان الاستصحاب فيه كما ترى.
ويردّ على كلام صاحب الكفاية قدسسره أيضا : أنّ القول بجريان الاستصحاب في الفرض الثاني ـ أي تشريع الحكم قبل الانقضاء ـ يستلزم جريانه في الفرض الأوّل ـ أي تشريع الحكم بعد الانقضاء ـ أيضا ؛ إذ لا فرق بين تشريعه قبل الانقضاء وبعده بعد القول بجريان الاستصحاب في الشبهة المفهوميّة ؛ بأنّ تلبّس زيد ـ مثلا ـ بالعلم وانقضاءه عنه كان متيقّنا ، فإذا صدر الحكم بإكرام كلّ عالم نشكّ في صدق هذا العنوان عليه وعدمه ؛ للشكّ في وضع المشتقّ لخصوص المتلبّس أو أعمّ منه ، فتستصحب العالميّة ، فيجري الاستصحاب في كلا الفرضين على مبناه هذا قدسسره.