والصدور فيما لم يكن المبدأ ذاتا ، مثل : الضارب والمضروب ونحو ذلك ، وعدم اعتبار القيام فيما كان المبدأ ذاتا كالابن ، وإذا كان المبدأ عين الذات كصفات الواجب تعالى فالتزم بالنقل أو التجوّز ؛ للتفصي عن الإشكال ؛ بأنّ قيام مبدأ العالم ـ مثلا ـ بذات الباري لا يكون بنحو الحلول والصدور ، فقولنا : «الله تعالى عالم» ليس بصحيح.
وأجاب عنه المحقّق الخراساني قدسسره (١) بأنّه إذا قلنا : «الله تعالى عالم» إمّا أن نعني أنّه من ينكشف لديه الشيء فهو ذاك المعنى العامّ الشامل للواجب والممكن ، أو أنّه مصداق لما يقابل ذاك المعنى المعبّر عنه بالجهل ، فمعنى العالم حينئذ هو الجاهل ، فتعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
وإمّا أن لا نعني شيئا فتكون صرف لقلقة لسان وألفاظ بلا معنى ، فلا بدّ من إرادة المعاني العامّة من الصفات ؛ لئلّا يلزم شيء من المحذورين فيه تعالى.
والإنصاف أنّ هذا الجواب عن صاحب الفصول ليس بصحيح ، فإنّه اعتبر في قيام المبدأ بالذات الجامع بين الحلولي والصدوري ، ولمّا كان هذا السنخ من القيام ممتنعا فيه سبحانه وتعالى التزم صاحب الفصول بالنقل أو التجوّز بمعنى إرادة معنى من العلم والقدرة ، مثلا : يكون عين ذاته عزوجل ولا يكون زائدا عليها ، فيصحّ قولنا : «الله تعالى علم» ، بل هذا التعبير أولى من قولنا : «الله تعالى عالم».
وقال صاحب الكفاية قدسسره (٢) : والتحقيق : أنّه لا ينبغي أن يرتاب من كان من اولي الألباب في أنّه يعتبر في صدق المشتقّ على الذات وجريه عليها من
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٨٨.
(٢) المصدر السابق : ٨٦ ـ ٨٨.