توبيخ إبليس بسبب تركه لما امر به من السجود لآدم حينما قال تعالى للملائكة : (اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ)(١) ، ومعلوم أنّه لا توبيخ إلّا في ترك الواجب ، فالأمر حقيقة في الوجوب.
يرد عليه أيضا الإشكالان المذكوران ؛ لأنّ غاية ما يستفاد من ذلك أنّ أمر الله تعالى حقيقة في الوجوب ؛ إذ يمكن أن يقال : إنّ مطلق الأمر لا يكون كذلك.
على أنّ توبيخه تعالى قرينة على كون الأمر في الآية حقيقة في الوجوب ، فلا شكّ في مراده تعالى ؛ وإنّما الشكّ في أنّ خروج الأمر الاستحبابي عن الآية هل يكون بنحو التخصيص أو التخصّص؟ ولا طريق لإثبات ذلك ، ولا تجري أصالة العموم أو الإطلاق هاهنا.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : «لو لا أنّ أشقّ على امتي لأمرتهم بالسواك» (٢) ؛ إذ الكلفة والمشقّة لا تكون إلّا في التحريم والوجوب ، وأمّا إطلاق التكليف على الاستحباب والكراهة والإباحة فلا يخلو عن مسامحة ، فهذا التعبير دليل على أنّ الأمر في الآية حقيقة في الوجوب ، مع أنّه صلىاللهعليهوآله أمر مرارا بالسواك على وجه الاستحباب ، فلا بدّ من كون هذا الأمر للوجوب ، وإلّا لزم لغويّة الأمر المترتّب على المشقّة.
ولكن يرد فيه أيضا الإشكالان المذكوران ؛ إذ يمكن أن يقال : إنّ أمره صلىاللهعليهوآله حقيقة في الوجوب ، وأمّا مطلق الأمر فلا يكون كذلك.
على أنّ مراده صلىاللهعليهوآله في الرواية معلوم ، ولا طريق لإثبات أنّ خروج الأمر
__________________
(١) البقرة : ٣٤.
(٢) الوسائل ٢ : ١٧ ، الباب ٣ من أبواب السواك ، الحديث ٤.