الكلام في موجود آخر بلحاظ عدم جسميّته.
ولا يتوهّم أنّ معنى المتكلّم هو الكلام ؛ إذ ليس للكلام معنى مصدري بل اسم مصدر ، ونعبّر عنه باللّغة الفارسيّة ب «سخن» فلا يتصوّر له معنى سوى إيجاد الكلام.
وهذا الجواب موافق لنظر المعتزلة والمتكلّمين من الإماميّة ، وقد ذكرنا في صدر المسألة حكاية نظر بعض أهل التحقيق من أنّ تكلّمه تعالى يتحقّق من دون وساطة شيء من الأشياء ، كتكلّمه تعالى مع موسى عليهالسلام بدون واسطة ، وقد مرّ أيضا ما قال به الإمام الأعظم قدسسره بعد نفي هذه الأقوال : «إنّه تعالى متكلّم والقرآن كتابه ونزل على رسول الله صلىاللهعليهوآله بالوحي ، وأمّا كيفيّة الوحي وتكلّمه ممّا لم يصل إليها فكر البشر إلّا الأوحدي الراسخ في العلم بقوّة البرهان المشفوع إلى الرياضات ونور الإيمان».
ثمّ قال : يمكن أن نلتزم بالكلام النفسي ، ولكنّ أفهام أصحاب الكلام من المعتزلة والأشاعرة بعيدة عن طور هذا الكلام ، فالإعراض عنه أولى.
ولكن ما ذكرناه في مقام الجواب عن الأشاعرة موافقا لظاهر الآيات والروايات يكفي في نفي الكلام النفسي ، ولا نطيل الكلام في هذه المقولة أزيد من ذلك.
ولا يخفى أنّ القول بتحقّق الكلام النفسي لا يستلزم أن يكون الطلب والإرادة متغايرين ، كما أنّ إنكاره لا يستلزم القول بالاتّحاد بينهما ، وإن استفيد ذلك من كلام صاحب الكفاية قدسسره ـ كما أشرنا إليه في صدر المسألة ـ ولكنّهما بحثان مستقلّان : أحدهما : بحث لغويّ ، والآخر : كلامي ، ولا ارتباط بينهما أصلا. ونحن فرغنا بعون الله من البحث الكلامي.