وأمّا البحث اللّغوي وهو : أنّ لفظي الطلب والإرادة هل وضعا بإزاء مفهوم واحد أو يكون لكلّ منهما معنى لا يكون للآخر؟ وقد مرّ ما ذكره المحقّق الخراساني قدسسره من : أنّهما موضوعان بإزاء مفهوم واحد ، وهما متّحدان في المفهوم والوجود الحقيقي والإنشائي والذهني ، غاية الأمر أنّ لفظ الطلب ينصرف عند إطلاقه إلى وجوده الإنشائي ، ولفظ الإرادة ينصرف إلى وجودها الحقيقي ، وهذا لا يوجب المغايرة بين اللفظين في المفهوم ؛ إذ لا مانع من أن يكون اللفظان المترادفان متغايرين من حيث الانصراف.
ولكنّ المحقّقين من الاصوليّين بعد إنكارهم الكلام النفسي في البحث السابق يقولون بتعدّد مفهوم الطلب والإرادة ، منهم استاذنا المرحوم السيّد البروجردي قدسسره (١) حيث قال في الابتداء بعنوان ضابطة كلّيّة لما يتعلّق به الإنشاء : إنّ الموجودات على قسمين : الأوّل : ما يكون له وجود حقيقي وواقعي في الخارج ، بحيث يكون بإزائه شيء فيه كالإنسان والحيوان والبياض ونحوها ، وهو لا يقبل الإنشاء. الثاني : ما لا يكون كذلك بل يكون وجوده بوجود منشأ انتزاعه ، وهو قد ينتزع عن الامور الحقيقيّة والواقعيّة كالفوقيّة والتحتيّة ونحوها وهو أيضا لا يقبل الإنشاء ، وقد ينتزع عن الاعتبارات والإنشائيّات كالملكيّة والزوجيّة وأمثال ذلك وهو يقبل الإنشاء ، فالمعتبر في المنشأ ألّا يكون من الامور الواقعيّة ولا منتزعا منها ، بل كان من الامور الاعتباريّة المحضة.
ثمّ قال : إنّ الإرادة من صفات النفس ، والصفات النفسانيّة من الامور الحقيقيّة والواقعيّة فلا تقبل الوجود الإنشائي ، بخلاف الطلب فإنّ له معنى قابلا
__________________
(١) نهاية الاصول ١ : ٩٢ ـ ٩٣.