للإنشاء ؛ إذ ليس معناه سوى البعث والتحريك نحو العمل ، وكما أنّهما يحصلان بالتحريك الفعلي ـ كأخذ الطالب من يد المطلوب منه وجرّه نحو العمل المقصود ـ فكذلك يحصلان بالتحريك القولي ؛ بأن يقول الطالب : اضرب فلانا أو أطلب منك الضرب أو آمرك بكذا ـ مثلا ـ فقوله : «افعل كذا» بمنزلة أخذه من يد المطلوب منه وجرّه نحو العمل المقصود ، فحقيقة الطلب مغايرة لحقيقة الإرادة. نعم الطلب بكلا معنييه ـ أي البعث والتحريك الفعلي والقولي ـ مبرز ومظهر للإرادة ، وليس معناه اتّحاد الطلب والإرادة ، بل كان معناه أنّ هاهنا شيئين وأنّ أحدهما مبرز للآخر ، فالإرادة صفة قائمة بالنفس ، والطلب عبارة عن البعث والتحريك ، وهو قد يكون فعليّا وقد يكون قوليّا. هذا محصّل بيان سيّدنا الأعظم المرحوم البروجردي.
وفيه : أنّ تعلّق الإنشاء بالطلب ـ سواء تعلّق بالبعث والتحريك العملي أو القولي أو مفهوم الطلب ـ لا يخلو من اشكال ، ولا يناسب القاعدة المذكورة.
أمّا تعلّق الإنشاء بالبعث والتحريك العملي ـ يعني هداية الآمر المأمور نحو المأمور به عملا ـ فلا شكّ في أنّه أمر مبصر ومشاهد ، وهو واقعيّة مسلّمة ، فلا ريب في بطلان هذا الفرض.
وأمّا تعلّق الإنشاء بالبعث والتحريك القولي ـ يعني صدور الأمر من قبل المولى ـ فلا شكّ في أنّه أيضا واقعيّة من الواقعيّات الخارجيّة ، فإنّ واقعيّة القول بصدور الألفاظ والكلمات عن اللافظ والمتكلّم ، مع أنّ البعث والتحريك القولي هو البعث والتحريك الإنشائي ، والمنشأ مع وصف كونه منشأ وقيد المنشئيّة قيدا له لا يعقل أن يكون متعلّقا للإنشاء ؛ إذ المنشأ متحقّق قبل تعلّق الإنشاء به ، فهو تحصيل للحاصل وتقدّم الشيء على نفسه مع ملاحظة أنّ المنشأ مغاير للإنشاء ، بل يتحقّق بسبب الإنشاء.