إلّا في إنشاء الطلب ـ أي الطلب الإنشائي في مقابل الطلب الحقيقي لا إنشاء الطلب ؛ إذ الإنشائيّة والإخباريّة كالاستقلاليّة والآليّة عن المعنى الاسمي والحرفي خارجتان عن المعنى المستعمل فيه ـ إلّا أنّ الداعي إلى ذلك كما يكون تارة هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي ، ويكون اخرى أحد هذه الامور كما لا يخفى.
وقصارى ما يمكن أن يدّعى أن تكون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب فيما إذا كان بداعي البعث والتحريك ، لا بداع آخر منها ، فيكون إنشاء الطلب بها بعثا حقيقة وإنشاؤه بها تحديدا مجازا ، وهذه غير مستعملة في التحديد وغيره فلا تغفل. هذا تمام الكلام لصاحب الكفاية قدسسره (١).
ولكنّه يصحّ على القول باتّحاد الطلب والإرادة في جميع المراحل ؛ إذ لا فرق بين أن يقول : مفاد هيئة «افعل» هو إنشاء الطلب أو إنشاء الإرادة.
وأمّا على القول بتغايرهما وكونهما واقعتين مستقلّتين : إحداهما قائمة بالنفس والاخرى عبارة عن السعي المشاهد والمحسوس في الخارج ، فلا يكون كلّ منهما قابلا للإنشاء ، بل لا بدّ من أن يكون المنشأ أمرا اعتباريّا ، بناء على الضابطة التي حكيناها عن المرحوم البروجردي قدسسره ، مع أنّه لا شكّ في أنّ مفاد هيئة «افعل» هو المعنى الإنشائي ، فما الذي ينشأ بصيغة «افعل» بعد ألّا يكون الطلب قابلا للإنشاء؟
ولا بدّ لنا من التحقيق في هذه المسألة المبتلى بها والشائعة بين الناس ، فنقول : إنّ استعمال هيئة «افعل» قد يكون بداعي البعث والتحريك وتحقّق المأمور به في الخارج ، وقد يكون بسائر الدواعي كالتمنّي والترجّي والتعجيز
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٠٢.