«افعل» ، بخلاف أمر الفقيه للمقلّد ، فإنّ ماهيّة هذا الأمر وحقيقته مغايرة لحقيقة أمر الطبيب ؛ لأنّ معنى قوله : «اغتسل للجنابة» أنّي أظنّ حسب اجتهادي وما أدّى إليه اجتهادي أنّ الله تعالى حكم بوجوب غسل الجنابة ، وهكذا أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ـ بصلاة الجمعة ـ مثلا ـ معناه أنّا نعلم أنّ الله تعالى أوجب صلاة الجمعة ، فحقيقة هذه الأوامر أوامر مولويّة تبعيّة كالأمر الصادر عن الوكيل.
ويشهد على ذلك ما ذكره المرحوم البروجردي قدسسره (١) في مقدّمة كتاب جامع أحاديث الشيعة : من أنّ الأئمّة عليهمالسلام كان عندهم كتاب مدوّن بإملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وفيه جميع سنن رسول الله صلىاللهعليهوآله وما أمر الله بتبليغه إلى امّته من المعارف الإلهيّة والأحكام الدينيّة ، ثمّ ذكر روايات متعدّدة لتأييد ذلك واستفاد منها : أنّ ما عند الأئمّة عليهمالسلام من علم الحلال والحرام والشرائع والأحكام نزل به جبرئيل عليهالسلام وأخذوه من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فتحرم على الامّة مخالفتهم في الحكم والفتوى ؛ لأنّ ما عندهم أوثق ممّا عند غيرهم ، فكلّ ما قال به الأئمّة عليهمالسلام أحاديث مسندة إلى الله تعالى وإن لم يذكروا السند كثيرا ، فأوامرهم أوامر مولويّة ظاهرة في الوجوب ، مثل أوامر الباري تعالى.
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة ١ : ٧.