أمّا القسم الأوّل فهو وإن كان ظاهرا في الوجوب ولكنّه نادر جدّا بالنسبة إلى القسم الثاني الذي هو العمدة في أوامرهم ونواهيهم ، وهو محلّ الابتلاء أيضا.
وأمّا القسم الثاني فلمّا لم يكن صدورها عنهم لإعمال المولويّة بل كان لغرض الإرشاد إلى ما حكم الله به على عباده كانت في الوجوب والندب تابعة للمرشد إليه ـ أعني ما حكم الله بها ـ وليس لاستظهار الوجوب أو الندب من هذا السنخ من الأوامر وجه ؛ لعدم كون الطلب فيها مولويّا ، فتأمّل جيّدا.
وحاصله : أنّ الأمر إذا كان مولويّا فهو ظاهر في الوجوب بأيّ نحو صدر ، وأمّا إذا كان إرشاديّا فلا يكون ظاهرا فيه ، وإن صدر بهيئة «افعل» فإنّه تابع للمرشد إليه في الوجوب والاستحباب ، فالأوامر الصادرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام لا تكون مولويّة ؛ لأنّ الأمر المولوي هو الأمر الصادر عن المولى بما أنّه آمر ومقنّن ومن شأنه إصدار الأمر ، وهو الله تعالى فقط.
ولكنّ هذا الإشكال قابل للجواب ؛ بأنّا سلّمنا أنّ أوامر النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام إمّا مولويّة ـ مثل أمره صلىاللهعليهوآله بقلع نخلة سمرة بن جندب ورميها إليه (١) ـ وإمّا إرشاديّة كقولهم عليهمالسلام : «اغتسل للجنابة» أو «تعيد الصلاة» وأمثال ذلك ، والأوامر الإرشاديّة تابعة لمرشد إليه في الوجوب والاستحباب ، إلّا أنّ الأوامر الإرشاديّة اخذت في ماهيّتها الإرشاديّة ، مثل : أمر الطبيب للمريض بشرب الدواء ، فإنّ معناه أنّ طريق التخلّص من المرض هو الاستفادة من المعجون الكذائي ، ومعلوم أنّه ليس لهذا الأمر المولويّة والإلزام وإن صدر بهيئة
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٤٢٨ ، الباب ١٢ من كتاب إحياء الموات ، الحديث ٣.