القرآن أو يحفظ مقام أبيه لا يريد منها إلّا الأمر ، لكن بلسان الإخبار عن وقوعه وصدوره عنه بلا طلب من والده ، بل بحكم عقله ورشده وتمييزه.
وببالي مع قطع النظر عن التتبّع أنّ السائل والراوي إذا كان عالما بالضوابط والاصول في الأحكام ـ بحيث إن لاحظ بدقّة يعلم الحكم بنفسه ، ولكنّه مع عدم الدقّة في المسألة يسأل حكمها من الإمام عليهالسلام ـ فيعبّر الإمام عليهالسلام في مقام الجواب بالجمل الخبريّة ، كما في سؤال زرارة الإمام عليهالسلام في الحديث المذكور.
وأمّا إذا كان الراوي جاهلا محضا فيعبّر بصورة هيئة «افعل» ، مثل : قوله عليهالسلام : «صلّ صلاة الجمعة» ولكنّه يحتاج إلى التتبّع والدقّة في الروايات ، وأمّا أصل ظهور الجمل الخبريّة في الوجوب فليس قابلا للإنكار كما مرّ تفصيله.
وذكر استاذنا المرحوم السيّد البروجردي قدسسره (١) شبهة مهمّة في ذيل البحث ، وهي : أنّ الأوامر والنواهي الصادرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام على قسمين :
القسم الأوّل : ما صدر عنهم في مقام إظهار السلطنة وإعمال المولويّة ، نظير الأوامر الصادر عن الموالي العرفيّة بالنسبة إلى عبيدهم ، مثل جميع ما صدر عنهم عليهمالسلام في الجهاد وميادين القتال ، بل كان ما أمروا به عبيدهم وأصحابهم في الامور الدنيويّة ونحوها ، كبيع شيء لهم وعمارة بناء ومبارزة زيد مثلا.
القسم الثاني : ما صدر عنهم عليهمالسلام في مقام التبليغ والإرشاد إلى أحكام الله تعالى ، كقولهم : «صلّ» أو «اغتسل للجمعة والجنابة» أو نحوهما ممّا لم يكن المقصود منها إعمال المولويّة ، بل كان الغرض منها بيان ما حكم الله به ، نظير أوامر الفقيه في الأحكام الشرعيّة بالنسبة إلى مقلّديه.
__________________
(١) نهاية الاصول ١ : ١٠٨.