هيئة «افعل» يدلّ على شيئين : أحدهما : أنّها ظاهرة في الوجوب ، وثانيهما : أنّها وضعت للبعث والتحريك الوجوبي ، ولكن في الجمل الخبريّة نحن بصدد إثبات الظهور فقط ، وهو أعمّ من الحقيقة ؛ إذ لا شكّ في جريان أصالة الظهور في الاستعمالات الحقيقيّة والمجازيّة ، فيستفاد ظهورها في الوجوب ـ بعد القطع بعدم جريان التبادر فيها ـ من نفس الروايات ؛ بأنّ محطّ النظر ومحور سؤال الراوي يشهد على ذلك ، فإنّ زرارة ـ مثلا ـ قال : قلت له عليهالسلام : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من المني ، فعلّمت أثره إلى أنّ اصيب له الماء ، فحضرت الصلاة ونسيت أنّ بثوبي شيئا وصلّيت ، ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك؟ قال عليهالسلام : «تغسله وتعيد الصلاة ...» (١).
ومعلوم أنّه لا يتوهّم أحد أنّ زرارة سئل عن استحباب الإعادة وعدمه ، بل العرف يستفيد أنّه سئل عن وجوب الإعادة وعدمه ، فتحمل جملة «تعيد الصلاة» ـ لمطابقة الجواب مع السؤال ـ على الوجوب ، والغرض من هذا التعبير أنّ الإمام عليهالسلام لمّا كان في مقام البعث فالمناسب له الإتيان بما يؤكّد ، وحيث إنّ الإخبار بالوقوع يدلّ على شدّة الطلب والاهتمام بالمطلوب وإرادة إيجاده بحيث لا يرضى بتركه ، ولذا أخبر بوقوع المطلوب وأتى بالجملة الخبريّة.
هذا ما يستفاد من كلام صاحب الكفاية قدسسره.
ويستفاد من كلام الإمام قدسسره (٢) أنّ البعث والتحريك في الجمل الخبريّة متضمّن للتشويق بلسان الإخبار ، فقول الوالد لولده : ولدي يصلّي أو يقرأ
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٧٩ ، الباب ٤٢ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢.
(٢) تهذيب الاصول ١ : ١٤٥.