ولكن لا بدّ لنا من ملاحظة الوجوه التي حكيناها لإثبات ظهور الهيئة في الوجوب ، والوجه الأخير منها ما اختاره الإمام والبروجردي قدسسرهما ، وخلاصته : أنّ صدور الأمر وإقامة الحجّة من المولى يحتاج إلى الجواب بالامتثال والإطاعة ، ويترتّب على مخالفتها استحقاق العقوبة بحكم العقل ، وهذا معنى الوجوب ، فإن اخترنا هذا المسلك هاهنا فهل هو منحصر بالحجّة الصادرة بصورة هيئة «افعل» أو الأعمّ منها ومن الحجّة الصادرة بصورة الجملة الخبريّة؟ لا شكّ في أنّ الأساس والملاك في هذا الوجه هو ثبوت الحجّة من المولى وصدورها منه ، ولا دخل لكيفيّة صدورها فيه بعد القطع بأنّ الإمام عليهالسلام كان في مقام بيان الحكم ، وصدور الجمل عنه عليهالسلام لا يكون في مقام الإخبار ، بل كان في مقام الإنشاء ، فلا شكّ في حجّيّتها ، بل قد يكون صدور الحجّة من المولى بالإشارة المفهمة ، فالحجّة تامّة مع أنّها لم تصدر بالقول.
وبالنتيجة : أنّ الجمل الخبريّة ـ مثل هيئة «افعل» ـ ظاهرة في الوجوب ، ويكون كلاهما من حيث الظهور في رتبة واحدة ، ولا أظهريّة لأحدهما على الآخر ، ولا فرق بينهما من حيث الظهور ، إلّا أنّ الوجوب كان معنى حقيقيّا لهيئة «افعل» ومعنى مجازيّا للجمل الخبريّة ، فيكون المستعمل فيه في جميع الجمل الخبريّة ، سواء استعملت في مقام الإخبار أو الإنشاء هو ثبوت النسبة بين الفعل وفاعله ، إلّا أنّها إذا استعملت في مقام الإخبار يثبت المستعمل في المعنى الحقيقي ، وإذا استعملت في مقام إنشاء الحكم بداعي البعث والتحريك يتجاوز عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي.
وإذا ثبت ظهور الهيئة في الوجوب بالتبادر ـ كما هو المختار ـ فلا ريب في انحصار التبادر بهيئة «افعل» وأشباهها ، وحينئذ لا بدّ من القول بأنّ التبادر في