بدواع أخر كما مرّ.
ثمّ أشكل على نفسه بأنّه كيف تكون الجمل الخبريّة مستعملة في معناها الإخباري دون الإنشائي ، مع أنّه مستلزم للكذب غالبا ؛ لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك في الخارج ، تعالى الله وأولياؤه عن ذلك علوّا كبيرا.
وأجاب عنه بقوله : إنّما يلزم الكذب إذا أتى بها بداعي الإخبار والإعلام لا لداعي البعث ؛ إذ كيف يكون الإخبار بداعي البعث مستلزما للكذب؟! ولو كان كذلك لزم الكذب في غالب الكنايات ، فمثل «زيد كثير الرماد» أو «مهزول الفصيل» لا يكون كذبا إذا قيل كناية عن جوده ولو لم يكن له رماد وفصيل أصلا ، وإنّما يكون كذبا إذا لم يكن بجواد وإن كان له رماد كثير ، فيكون الطلب بصورة الخبر في مقام التأكيد أبلغ من الطلب بالصيغ الإنشائيّة ، فإنّه مقال بمقتضى الحال.
فأثبت قدسسره إلى هنا أظهريّة الجمل في الوجوب ، ثمّ أقام دليلا لظهورها فيه.
وتوضيحه : أنّ مقدّمات الحكمة تقتضي حلمها على الوجوب ؛ إذ المفروض أنّ الإمام عليهالسلام حين سأله زرارة كان في مقام البيان لا في مقام الإهمال والإجمال ، ولم ينصب قرينة على الندب ، فاستفاد زرارة من جملة «يعيد صلاته» الوجوب ، بقرينة سؤاله عن مسألة اخرى ولشدّة مناسبة الإخبار بالوقوع مع الوجوب ، وتلك النكتة إن لم تكن موجبة لظهورها فيه فلا أقل من كونها موجبة لتعيّنه من بين محتملات ما هو بصدده. هذا تمام كلام صاحب الكفاية قدسسره في مقابل القول بالتوقّف وإنكار أصل الظهور ، وأنّ استعمالها في الإنشاء ـ سواء كان وجوبيّا أو استحبابيّا ـ مجاز ، ولا يحمل بدون القرينة على الوجوب.