الفجر في شهر رمضان ، فإنّ وجوبه نفسي لا مقدّمي ؛ إذ الأمر به متعلّق قبل الأمر بالصوم، ومعلوم أنّه لا معنى لوجوب المقدّمة قبل وجوب ذي المقدّمة.
إذا عرفت هذا فنقول : الفعل المأمور به مركّب من ثلاثة أجزاء : الصلاة وعدم الدواعي النفسانيّة ووجود الداعي الإلهي ، أو أنّ المأمور به مشروط بالشرط المركّب من جزءين ـ أعني : عدم الدواعي النفسانيّة وثبوت الداعي الإلهي ـ ومن البديهي أنّ وجود الداعي الإلهي ملازم لعدم الدواعي النفسانيّة وبالعكس ، ولا يمكن عدمهما ولا اجتماعهما ، فالأمر متعلّق بالجزءين أو بالمشروط والجزء الأوّل من الشرط ـ أي الصلاة وعدم الدواعي النفسانيّة ـ وكان تعلّق الأمر بهما للغير ـ يعني لتحقّق الداعي الإلهي ـ وهو يتحقّق بالملازمة ، والمفروض أنّ القدرة على التكليف تعتبر في ظرف الامتثال وإن حصلت بنفس الأمر ، فالصلاة المقيّدة بعدم صدورها عن الدواعي النفسانيّة متعلّقة للأمر من دون ضمّ قيد داعي الأمر ، والداعي الإلهي إليها ، فلا مانع منه ولا يلزم الدور. هذا محصّل كلام المحقّق الحائري قدسسره (١).
ويرد عليه : أوّلا : بأنّ هذا بعيد عن الواقعيّة ، فإنّ ازدياد جزء في المأمور به أو نقصه عنه ليس في اختيارنا حتّى يستفاد من هذا الطريق لحلّ العقدة هاهنا ، مع أنّا لا نرى في كلمات فقيه من الفقهاء احتمال كون وجوب الصلاة للغير ، فضلا عن القائل به ، فهذا الكلام أشبه بالتخيّل ولا يناسب الفقه.
وثانيا : ذكرنا فيما تقدّم أنّ كون قصد القربة بمعنى داعي الأمر من أساسه أمر غير معقول ، وأنّ الداعي أمر من الامور النفسانيّة المذكورة التي تتفاوت بحسب درجات العبوديّة.
__________________
(١) درر الفوائد ١ : ٩٥ ـ ٩٧.