إلّا أنّ الإشكال في تحقّق الانصراف في ما نحن فيه بعد أن نرى استعمال الهيئة في الواجبات الغيريّة والتخييريّة والكفائيّة بحدّ لعلّه كان أزيد من استعمالها في الواجبات النفسيّة والتعيينيّة والعينيّة ، فكيف يمكن ادّعاء الانصراف؟!
واختار استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) في أصل دلالة هيئة «افعل» على الوجوب طريقا يجري في ما نحن فيه أيضا ، وهو أنّ الأمر الصادر من المولى يحتاج إلى الجواب ، ومجرّد احتمال الاستحباب لا يكون عذرا للمخالفة ، والعقل يحكم بالامتثال في مقام تحيّر العبد ، بأنّ البعث الصادر عن المولى إيجابي أو استحبابي ، وهكذا نقول : إذا أمر المولى بالوضوء ـ مثلا ـ وشككنا في أنّه واجب نفسي أو غيري حتّى يكون وجوبه متوقّفا على وجوب الصلاة ، فالعقل يحكم بالامتثال ، ومخالفة العبد بدليل احتمال كون الوجوب غيريّا لا يكون عذرا ، بل العقل يحكم بأنّ التكليف المسلّم من المولى يحتاج إلى الجواب ، فيستفاد من هذا الطريق النفسيّة. وهكذا في الواجب التعييني والعيني ، هذا تمام الكلام في هذا البحث.
__________________
(١) مناهج الوصول إلى علم الاصول ١ : ٢٨٢.