وثانيهما : ارتباطه بالهيئة فقط ، والاحتمال الأوّل وإن كان جعل الصيغة في عنوان البحث مؤيّدا له ولكن لا يساعده الواقع ؛ إذ مرّ في باب المشتقّ أنّه ليس لمجموع الهيئة والمادّة وضع على حدة في قبال الهيئة والمادّة ، حتّى يكون النزاع مرتبطا به ، فلا محالة يتعيّن الاحتمال الثاني ـ أي الارتباط بالهيئة ـ فيرجع النزاع إلى أنّ هيئة الأمر هل تدلّ على خصوص المرّة أو على خصوص التكرار أو لا تدلّ عليهما أصلا.
ولكن أشكل عليه استاذنا الأعظم السيّد الإمام قدسسره (١) بإشكال وهو : أنّ هذا المعنى بعيد جدّا ؛ لأنّ الهيئة وضعت لنفس البعث والتحريك ، ومقتضى البعث هو إيجادها في الخارج ، وحينئذ الشيء الواحد من جهة واحدة لا يعقل أن يتعلّق به البعث مكرّرا على نحو التأسيس ، ولا يكون مرادا ومشتاقا إليها مرّتين ؛ لما مرّ أنّ تشخّص الإرادة بالمراد والمتعلّق فهي تابعة له في الكثرة والوحدة ، فلا تتعلّق بالشيء الواحد إرادات متعدّدة في آن واحد ، وهكذا البعث والتحريك المتعدّد بماهيّة واحدة في زمان واحد.
فإن قلت : على القول بكون الإيجاد جزء مدلول الماهيّة يصحّ النزاع ، بأن يقال : إنّه بعد تسليم وضعها لطلب الإيجاد هل هي وضعت لإيجاد أو إيجادات؟ فإنّ إيجاد الماهيّة قابل للتعدّد والتكثّر ، فلا مانع من كون التكرار قيدا لإيجاد الماهيّة ، وبتبعه يتكرّر البعث والتحريك أيضا.
وجوابه أوّلا : أنّ كلمة الإيجاد لا تكون جزء مفاد المادّة ، فإنّ مفادها نفس الماهيّة ـ كما مرّ آنفا نقل السكّاكي الإجماع على ذلك ـ لا جزء مفاد الهيئة ، فإنّ مفادها عبارة عن البعث والتحريك ، وأمّا انحصار طريق الامتثال بإيجاد
__________________
(١) المصدر السابق.