هذا محصّل كلام صاحب الكفاية بتوضيح وإضافة.
ولكنّه لم يذكر أنّ مفاد هيئة المصدر الذي له هيئة ومادّة ما هو؟ والتحقيق أنّ فيه احتمالين : أحدهما : أنّ هيئة المصدر ليس لها معنى خاصّ ، إنّما هي لإمكان التلفّظ والتنطّق بالمادّة ، كما قال به استاذنا الأعظم السيّد الإمام قدسسره (١).
وثانيهما : أن يكون لهيئته معنى زائد على المادّة ، ويؤيّده ما يقول به أهل الأدب من أنّ المصدر إمّا أن يكون بمعنى الفاعل ، وإمّا أن يكون بمعنى المفعول ، فيستفاد منه أنّ لهيئته يتحقّق معنى زائد على معنى المادّة السارية في المشتقّات ، فمفاد المادّة عبارة عن نفس الحدث الذي يعبّر عنه بالفارسيّة ب «كتك» ، وهذا المعنى متحقّق في جميع المشتقّات ، ومفاد الهيئة عبارة عمّا يقول به أهل الأدب من أنّ المصدر ما كان في آخر معناه الفارسي الدالّ «د» والنون «ن» أو التاء «ت» والنون «ن» ، وهذا أقرب عندي.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ إشكال صاحب الكفاية على صاحب الفصول ليس في محلّه ، فإنّ الاتّفاق ثابت بأنّ المصدر المجرّد عن اللام والتنوين مفاده نفس الماهيّة على ما نقل عن السكّاكي ، أي أنّ المادّة هي المصدر لا تدلّ على المرّة والتكرار ، ومن المعلوم أنّ مفاد الهيئة ليس بأقلّ من مفاد المادّة ، بل مفادها عبارة عن مفاد المادّة مع إضافة ، فلا تنقص الهيئة من مفاد المادّة ، وإذا لم تكن في مادّة المصدر دلالة على المرّة والتكرار فلا تكون في مادّة سائر المشتقّات أيضا ؛ إذ المادّة في الجميع واحدة ، ولا فرق بينها من هذه الجهة ، ومنها مادّة الأمر.
فيبقى في المسألة احتمالان : أحدهما : ارتباط النزاع بمجموع الهيئة والمادّة ،
__________________
(١) مناهج الوصول إلى علم الاصول ١ : ٢٠٢.