الماهيّة ، فنزاع المرّة والتكرار يختصّ بالهيئة ولا يجري في المادّة.
وأجاب عنه صاحب الكفاية قدسسره (١) بأنّ الاتّفاق المذكور في المصدر لا يوجب الاتّفاق على أنّ مادّة الصيغة لا تدلّ إلّا على الماهيّة ؛ ضرورة أنّ المصدر ليس بمادّة لسائر المشتقّات ، بل هو مثلها في أنّه له مادّة وهيئة ، كيف يكون المصدر مادّة للمشتقّات والحال أنّ معناه مباين لمعنى المشتقّ ـ كما عرفت ـ ومع المباينة كيف يصحّ أن يكون مادّة لها؟! فعليه يمكن دعوى اعتبار المرّة أو التكرار في مادّة الصيغة.
ثمّ أشكل على إنكار كون المصدر أصلا للمشتقّات بقوله : إن قلت : فما معنى ما اشتهر من كون المصدر أصلا في الكلام؟ فأجاب عنه : أوّلا بأنّه محلّ خلاف ؛ لذهاب الكوفيّين إلى أنّ الأصل في الكلام هو الفعل. وثانيا : بأنّ معناه أنّ الواضع وضع أوّلا المصدر وضعا شخصيّا ، ثمّ بملاحظته وضع بوضع نوعي أو شخصي سائر الصيغ التي تناسبه مادّة ومعنى ، مثلا : وضع الواضع كلمة «الضرب» للحدث المنسوب إلى فاعل ما بوضع شخصي ، ثمّ بملاحظته وضع هيئة «ضرب» بوضع نوعي لفعل الماضي ، فمعنى كون المصدر أصلا هو التقدّم في الوضع ، وليس معناه كون المصدر بمادّته وهيئته مادّة للمشتقّات ؛ لعدم انحفاظ المصدر لا بهيئته ولا بمعناه في المشتقّات ؛ لمباينته لها هيئة ومعنى.
ويمكن أن يقال : إنّه يصحّ للواضع القول بأنّه : وضعت مادّة «ض ـ ر ـ ب» بشرط أن يكون الضاء مقدّما ثمّ الراء ثمّ الباء لمعنى كذا.
قلنا : هذا صحيح ولكن لا ينضبط معه الوضع ، ولذا يكون المصدر في الكلام بهذا المعنى.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١١٧ ـ ١١٩.