ولا يستفاد من كلام المستشكل بعد عدم الحمل على الوجوب معنى آخر ، ولعلّ مراده الحمل على الاستحباب ، مع أنّ الإشكال يجري بعينه في هذا الفرض أيضا ؛ إذ الملاك في استحباب الاستباق هو الاتّصاف بالعناوين الخيريّة ، فبعد اشتراك المتأخّر والمتقدّم في أصل الملاك يلزم من استحباب الاستباق إلى الخير المتقدّم عدم استحباب الاستباق إلى الخير المتأخّر.
ولعلّ مراده الحمل على الإرشاد ؛ بأنّ العقل يحكم بحسن الاستباق إلى الخيرات ، والآية الشريفة تدلّ على هذا المعنى إرشادا ، وهذا الحمل أولى من الحمل على الاستحباب.
وهذا البيان مخدوش : أوّلا : بأنّ ما يتّصف بالسبق عبارة عن المكلّفين لا الخيرات ، والظاهر من الآية أنّه يجب على كلّ مكلّف أن يستبق الخير من مكلّف آخر ، لا أنّه يجب عليه أن يستبق إلى بعض الخيرات بالنسبة إلى بعضها الآخر ، فالمسابقة بين المكلّفين ، كما مرّ ذكره في الواجب الكفائي.
وثانيا : أنّه لو سلّمنا وفرضنا أنّ الاستباق في الآية تكون بين الخيرات فلا يثبت المدّعى أيضا ، فإنّ مجرّد عدم إمكان الجمع لا يوجب رفع اليد عن الوجوب والالتزام بالحمل على الإرشاد ، بل تصل النوبة إلى جريان قواعد باب التزاحم كمسألة إنقاذ الغريقين والصلاة والإزالة ؛ لأنّ القاعدة تقتضي في مثل هذه الموارد تقدّم الأهمّ أو محتمل الأهمّية ، وفي صورة عدمهما كان المكلّف مخيّرا ، فيكون مفاد الهيئة في الآية من مصاديق باب المتزاحمين ، ويبقى على ظاهره بدون الحمل والتوجيه.
وثالثا : أنّ الأمر الإرشادي تابع لما حكم به العقل من اللزوم أو الحسن قبل الأمر ، وفي مورد الآية صحيح أنّ العقل يحكم بالحسن ، إلّا أنّه يحكم