انتفى القيد ينتفي المقيّد رأسا ، كما إذا قال المولى : اعتق رقبة مؤمنة ـ مثلا ـ وأحرزنا من الخارج وحدة مطلوبه وغرضه ، وقد يكون بنحو تعدّد المطلوب كما في الصلوات اليوميّة المقيّدة بالأوقات الخمسة ، فإنّه كان للمولى فيها مطلوبان : أحدهما : أصل صلاة الظهر ـ مثلا ـ والآخر : إيقاعه في وقت خاصّ ، فإن فات القيد يبقى المقيّد بحاله ، فأمر ما نحن فيه دائر بين وحدة المطلوب بمعنى كون الفوريّة مقوّمة لأصل المصلحة ؛ بحيث تفوت بفوات الفوريّة ، وتعدّد المطلوب بمعنى أن يكون هناك مصلحة قائمة بذات الفعل ومصلحة اخرى قائمة بإيقاعه فورا.
ومن المعلوم أنّ نهاية ما يستفاد من الآيتين عبارة عن نفس التقيّد ، ودلالتهما على مطلوبيّة الطبيعة فورا ، لا كيفيّة التقيّد ونوعه ، فتصل النوبة إلى الاصول اللفظيّة والعمليّة ، ويمكن أن يقال في مقام التمسّك بالأصل اللفظي : إنّ مقتضى الإطلاق عدم الوجوب في الزمان الثاني ؛ لأنّه كما أنّ أصل التكليف يحتاج إلى البيان والتعرّض كذلك تحقّقه في الزمان الثاني يحتاج إلى البيان والتعرّض ، وبعد تماميّة مقدّمات الحكمة وعدم تعرّضه له يستفاد عدم وجوبه في الزمان الثاني.
وإذا لم يكن إطلاق في البين ووصلت النوبة إلى الاصول العمليّة فكان هاهنا طريق لجريان الاستصحاب بنحو الكلّي من القسم الثاني ؛ بأن نقول : بعد توجّه التكليف من المولى إلينا وحصول اشتغال ذمّتنا ودوران الأمر بين وحدة المطلوب ـ بحيث إن انتفى القيد ينتفي أصل التكليف ـ وتعدّد المطلوب ـ بحيث إن خالف القيد يبقى أصل التكليف ـ فنشكّ في بقاء التكليف وعدمه ، فلا مانع من استصحاب أصل التكليف ، كما إذا نذر أحد الحجّ مقيّدا بهذه