وما ورد في مثل صحيحة زرارة في جواب السائل من قوله عليهالسلام : «يغسله ويعيد» أمر إرشادي لا مولوي ، فالعقل يحكم في ما نحن فيه بالإعادة ؛ إذ الإمام عليهالسلام كأنّه قال : كانت الصلاة المأتي بها فاقدة للشرط ، وحينئذ يحكم العقل بعدم الإجزاء.
وهكذا في حديث (١) «لا تعاد» كأنّه قال عليهالسلام : إن كان الإخلال بالأجزاء الركنيّة تكون الصلاة فاقدة لخصوصيّة معتبرة فيها ، وإن كان بالأجزاء الغير الركنيّة كفاتحة الكتاب ـ مثلا ـ لم تكن فاقدة لها ، فإنّ جزئيّتها في صورة التوجّه والالتفات فقط ، فالعقل يحكم بالإجزاء في الثانية بخلاف الاولى ، فلا يكون وجوب الإعادة حكما شرعيّا مولويّا حتّى تجري أصالة البراءة بالنسبة إليه ، فمقتضى الأصل العملي عدم الإجزاء على القول بوحدة الأمر.
وأمّا على القول بتعدّد الأمر فالحاكم أصالة البراءة ؛ إذ بعد فرض صحّة الصلاة مع التيمّم ، ومشروعيّتها قطعا أو احتمالا ، وإتيانها في أوّل الوقت يتحقّق الامتثال بالنسبة إلى أمرها ويسقط.
وأمّا توجّه التكليف بالصلاة مع الوضوء بعد وجدان الماء في آخر الوقت إليه فمشكوك ؛ إذ المفروض أنّه تكليف مستقلّ وليس له الإطلاق ، فيرجع الشكّ إلى توجّه التكليف الثاني إليه وعدمه ، والحاكم في مثل ذلك أصالة البراءة ، فما يستفاد من الأدلّة اللفظيّة من الإجزاء أو عدمه مغاير لما يستفاد من الاصول العمليّة.
وأمّا إن كان المكلّف فاقدا للماء في جميع الوقت وكان العذر مستوعبا وصلّى مع التيمّم ثمّ صار واجدا للماء في خارج الوقت ، فهل القضاء واجب
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣١٢ ، الباب ٩ من أبواب القبلة ، الحديث ١.