فإنّه لم يأت بما هو التكليف والمأمور به ، بل أتى بغير المأمور به ، ومحلّ البحث في هذه المسألة ـ كما مرّ في عنوان البحث ـ عبارة عن إتيان المأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أم لا؟ فلا شكّ في خروج هذا الفرض عن محلّ النزاع.
وأمّا على القول بتعدّد الأمر وجعل حكم آخر مطابقا لمفاد الأمارة أو الأصل الدالّ على وجوب صلاة الجمعة ، فيقع هذا الفرض أيضا في محلّ النزاع.
ولكن البحث من حيث الإجزاء وعدمه قد يقع في الأمارات ، وقد يقع في الاصول ، وفي الأمارات أيضا قد يقع على القول بالطريقيّة ، وقد يقع على القول بالسببيّة.
ومعنى الطريقيّة أنّ الأمارة من حيث هي ليست فيها مصلحة إلّا الهداية إلى الواقع ؛ إذ الاتّكاء بالقطع فقط في امور المعاش والمعاد يوجب اختلال النظام ، بل لا يمكن تحصيل القطع في بعض الموارد ، ولذا اعتبر العقلاء الأمارة طريقا ظنّيا إلى الواقع في موارد عدم إمكان تحصيل القطع.
ومعنى السببيّة على ما هو المعقول وخاليا عن الإشكال عبارة عن تصديق عملي عادل تتحقّق فيه المصلحة التي توجب جبران المصلحة الواقعيّة الفائتة على فرض مخالفة الأمارة للواقع ، وكأنّه لم يفت شيئا.
ونبحث الآن على مبنى الطريقيّة والكاشفيّة ، ويتحقّق على هذا المبنى بحث آخر ، وهو أنّ حجّيّة الأمارة عند الشارع هل تكون بنحو الإمضاء والتأكيد أو بنحو التأسيس؟ ويمكن أن يكون بين الأمارات من هذه الجهة اختلافا.
ومعنى الحجّيّة الإمضائيّة عبارة عن اعتبار العقلاء في امور معاشهم