للآخر وعدمه عبارة عن نظر العرف والعقلاء ، ولا شكّ في أنّ طريق الجمع عندهم منحصر بالحكومة هاهنا ، فإنّ بعد نفي لغويّة جعل الحكم الظاهري وهكذا نفي التعارض بين قاعدة الطهارة وبين ما يكون الظاهر عنه الطهارة الواقعيّة ـ مثل صلّ مع الطهارة ـ بتعيّن الحكومة ، ولا تحتاج حاكميّة القاعدة على الدلالة على الأمرين ، بل العقلاء يحكمون بالحاكميّة بعد الدلالة على الأمر الأوّل.
وثالثا : بأنّ الحكومة على قسمين : حكومة ظاهريّة وحكومة واقعيّة ، وإجمال الفرق بينهما أنّ الموضوع في الثانية عبارة عن الواقعيّة في الدليل الحاكم والمحكوم ، ويكون حكم الخاصّ مجعولا واقعيّا في عرض جعل الحكم العامّ من دون أن يكون بينهما طوليّة وترتّب ، كما في مثل قوله عليهالسلام : «لا شكّ لكثير الشكّ» (١) ، حيث يكون حاكما على مثل قوله عليهالسلام : «إن شككت فابن على الأكثر» (٢) ، ويوجب دليل الحاكم التضييق في دليل المحكوم ، وأضاف إليه قيدا. ونتيجة الدليلين : أنّه إذا شككت بين الثلاث والأربع ولم تكن كثير الشكّ فابن على الأكثر.
وأمّا الموضوع في الحكومة الظاهريّة فلا شكّ في أنّه في دليل الحاكم عبارة عن الشكّ في دليل المحكوم ، والمجعول فيها إنّما هو في طول المجعول الواقعي وفي المرتبة المتأخّرة عنه ، مثل قاعدة الطهارة حيث تكون حاكمة على مثل : البول نجس ، فمفاد قاعدة الطهارة في قبال البول نجس هو أنّه إذا شككت في طهارة شيء ونجاسته فهو طاهر ، ونعبّر عن هذه ب «الحكومة الظاهريّة» ، وهي
__________________
(١) انظر : الوسائل ٨ : ٢٢٨ ، الباب ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٢.
(٢) الوسائل ٨ : ٢١٢ و ٢١٣ ، الباب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ١ و ٣.