وللمحقّق النائيني قدسسره (١) بيان آخر في أوائل الاستصحاب ، ولكن يستفاد منه أنّ المائز بينهما عبارة عن جهتين :
إحداهما : أنّ النتيجة في القاعدة الفقهيّة تكون جزئيّة تتعلّق بعمل آحاد المكلّفين بلا واسطة ، أي لا تحتاج في تعلّقها بالعمل إلى مئونة اخرى. وهذا بخلاف النتيجة في المسألة الاصوليّة ، فإنّها تكون كلّيّة ولا تتعلّق بعمل آحاد المكلّفين إلّا بعد تطبيق خارجي ، فإنّ عمل المكلّف لا يتعلّق به كون خبر الواحد حجّة إلّا بعد ضميمة خبر زرارة إليه والمتضمّن بأنّ صلاة الجمعة واجبة.
ثانيتهما : نتيجة المسألة الاصوليّة إنّما تنفع المجتهد ، ولا حظّ للمقلّد فيها ، ومن هنا ليس للمجتهد الفتوى بمضمون النتيجة ، ولا يجوز له أن يفتي في الرسائل العمليّة بحجّيّة الخبر الواحد ـ مثلا ـ القائم على الأحكام الشرعيّة ؛ لأنّ تطبيق النتيجة على الخارجيّات ليس بيد المقلّد ، بل هو من وظيفة المجتهد.
وأمّا النتيجة في القاعدة الفقهيّة فهي تنفع المقلّد ، ويجوز للمجتهد الفتوى بها ، ويكون تطبيقها بيد المقلّد.
واستشكل عليه بعض الأعلام : بأنّ ما أفاده قدسسره بالقياس إلى المسائل الاصوليّة تامّ ، فإنّ إعمالها في مواردها وأخذ النتائج منها من وظائف المجتهدين ، فلا حظّ فيه لمن سواهم ، إلّا أنّه بالإضافة إلى المسائل الفقهيّة غير تامّ على إطلاقه ؛ إذ ربّ مسألة فقهيّة حالها حال المسألة الاصوليّة من هذه الجهة ، كقاعدة نفوذ الصلح والشرط ، باعتبار كونهما موافقين للكتاب أو السنّة أو غير مخالفين لهما ، فإنّ تشخيص كون الصلح أو الشرط في مواردهما موافقا
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٣٠٨.