تحصل غائلة التضادّ بين الحكم الواقعي والظاهري.
ويرد عليه : أوّلا : أنّه لا جعل ولا تأسيس للشارع في مورد الأمارات ، بل الموجود هو إمضاء ما عليه بناء العقلاء.
ولكنّه قابل للتوجيه بأنّ الحجّية الإمضائيّة تكون بمعنى المنجّزية عند الإصابة والمعذّرية عند الخطأ لدى المحقّق الخراساني قدسسره.
وثانيا : أنّ كلامه قدسسره صحيح في صورة مطابقة الأمارة للواقع ، وأمّا في صورة المخالفة فلا ترتفع الغائلة بمجرّد إنكار الحكم الظاهري وتعويضه بجعل الحجّية ، فإنّ منشأ ترك ما هو واجب بحسب الواقع هو تجويز الشارع بالحجّية الإمضائيّة للأمارة الدالّة على عدم وجوبه ، فيعود المحذور بأنّ الوجوب الواقعي وتعلّق الإرادة الجدّية بفعل شيء ـ مثلا ـ كيف يكون قابلا للجمع مع تجويز الترك؟!
الرأي الثالث : ما ذكره المحقّق الفشاركي قدسسره على ما نقله تلميذه المحقّق الحائري قدسسره في كتاب درر الفوائد (١) ، وحاصل كلامه قدسسره : أنّ موضوع الحكم الظاهري متفاوت مع موضوع الحكم الواقعي ، ولا منافاة بينهما ، مثلا : إذا تصوّر المولى موضوع الحكم الواقعي في مقام جعل الحكم ، فيلاحظ نفس صلاة الجمعة مع الحالات التي يمكن أن تتّصف بها في نفسها مع قطع النظر عن تعلّق الحكم بها ، مثل : كونها في المسجد أو الدار وأمثال ذلك.
وأمّا الحالات المتأخّرة عن تعلّق الحكم بها ـ مثل : عنوان كونها معلومة الحكم أو مشكوكة الحكم ـ فلا يمكن أن يتصوّر معها في هذه الرتبة ؛ لعدم إمكان إدراج الأوصاف المتأخّرة عن الحكم في موضوعه.
__________________
(١) درر الفوائد ٢ : ٣٥١ ـ ٣٥٤.