المتّصفة بأنّها مشكوكة الحكم والمشكوكيّة تكون بعد تحقّق الحكم الواقعي ومتأخّرة عنه ـ ليس بصحيح ، فإنّ الشكّ في الشيء لا يستلزم تحقّق المشكوك في الخارج ، وإلّا يلزم انقلاب الشكّ علما ؛ إذ كلّما شكّ في الحكم يعلم بثبوته ؛ لمكان الملازمة بين الشكّ في الشيء وتحقّق المشكوك خارجا ، وهكذا الأمر بالنسبة إلى العلم ، حيث إنّ العلم بالشيء لا يتوقّف على تحقّق المعلوم خارجا ، وإلّا يلزم مطابقة العلم للواقع دائما وانتفاء الجهل المركّب بالكلّية.
وثالثا : أنّ ما ذكره قدسسره ـ من أنّ موضوع الحكم هو ذات الموضوع المجرّد عن الحكم ، وموضوع الحكم الظاهري هو ذات الموضوع بلحاظ الحكم ، فلا يمكن الجمع بين لحاظي التجرّد عن الحكم ولحاظ ثبوته ـ أيضا ليس بصحيح ، وذلك لأنّ ما اخذ موضوعا في الحكم الواقعي إمّا أن يؤخذ بشرط لا ، وإمّا أن يؤخذ لا بشرط ـ بعد ملاحظة أنّه لا معنى للإهمال والإجمال في مقام الثبوت وجعل الحكم وتعلّقه على الموضوع ، بخلاف مقام الإثبات ـ فعلى الأوّل يلزم اختصاص الحكم الواقعي بالعالم به ، وهذا تصويب باطل ؛ إذ لحاظ صلاة الجمعة بشرط أن لا تكون مشكوكة الحكم وجعل الوجوب لها بهذا اللحاظ مآله إلى وجوب صلاة الجمعة في حقّ العالم بالحكم خاصّة.
وعلى الثاني يمكن انقسام العنوان المتعلّق للأحكام الواقعيّة إلى معلوم الحكم ومشكوك الحكم ، فيكون العنوان محفوظا في كلتا المرتبتين : مرتبة الحكم الواقعي ومرتبة الحكم الظاهري ؛ لأنّ لا بشرط يجتمع مع ألف شرط ، فليكن أحد هذه الشروط الشكّ في الحكم ، ومع انحفاظ العنوان في كلتا المرتبتين يعود المحذور كما هو واضح.