المشكوكات والموهومات ؛ إذ الاحتياط التامّ في جميعها بمقتضى العلم الإجمالي موجب لاختلال النظام أو العسر والحرج ، ولا يصحّ ترجيح المشكوكات والموهومات على المظنونات ؛ لكونه من ترجيح المرجوح على الراجح ، فلا بدّ من الاحتياط في مورد الظنّ فقط ومنشؤه العلم الإجمالي بثبوت التكاليف ، فكيف يصحّ إطلاق الحجّة عليه؟!
الثاني : ما عن المحقّق العراقي قدسسره (١) من أنّ الشكّ في الشبهات البدوية قبل الفحص حجّة يعني إن كان شرب التتن بحسب الواقع حراما يوجب جريان البراءة قبل الفحص ، لتنجّز الحرمة الواقعيّة ، لعدم جواز إجراء البراءة في موردها ، ومع ذلك لا يجوز إسناد المشكوك إلى الشارع بالبداهة.
ثمّ قال : وهكذا إيجاب الاحتياط في الشبهات البدوية حجّة ومنجّز للواقع بلا إشكال ، إلّا أنّه لا يجوز الإسناد في مورده كما هو واضح.
وجوابه : أنّ الشكّ البدوي قبل الفحص ليس بحجّة ، بل الحجّة في الشبهات البدويّة قبل الفحص هو العلم الإجمالي بثبوت التكاليف في الشريعة ، فإنّه يوجب اشتغال الذمّة عند عدم وجود المؤمّن ، وهكذا إيجاب الاحتياط ليس بحجّة ، وإنّما هو رافع لموضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فالحجّة هو العلم الإجمالي السابق على الشكّ ، إلّا أنّ الشارع جعل مؤمّنا في الشبهات البدويّة بعد الفحص ، وأمّا قبل الفحص فهو باق على حاله.
ولكنّ الملازمة المذكورة تحتاج إلى دليل ولا بدّ من إثباتها ، وعدم إثباتها ومشكوكيّتها يكفي لعدم تماميّة استدلال الشيخ الأنصاري قدسسره.
الوجه الثاني : هو استصحاب عدم الحجّية ؛ لأنّ حجّية الأمارة من
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٨٠ ـ ٨١.