الحوادث ، وكلّ حادث مسبوق بالعدم.
وأورد عليه الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره (١) بأنّ حرمة العمل بالظنّ يكفي في موضوعها عدم العلم بورود التعبّد ، من غير حاجة إلى إحراز عدم ورود التعبّد به ليحتاج في ذلك إلى استصحاب العدم ثمّ إثبات الحرمة.
والحاصل : أنّ أصالة عدم الحادث إنّما يحتاج إليها في الأحكام المترتّبة على عدم ذلك الحادث ، وأمّا الحكم المترتّب على عدم العلم بذلك الحادث فيكفي فيه الشكّ ، ولا يحتاج إلى إحراز عدمه بالأصل ، وهذا نظير قاعدة الاشتغال الحاكمة بوجوب حصول اليقين بالفراغ ، فإنّه لا يحتاج في إجرائها إلى إجراء أصالة عدم فراغ الذمّة ، بل يكفي فيها عدم العلم بالفراغ.
واعترض عليه المحقّق الخراساني قدسسره (٢) بأمرين :
الأوّل : أنّ الحجّية من الأحكام الوضعية القابلة للجعل الشرعي ، فيصحّ إجراء الاستصحاب فيها وجودا وعدما ، فإنّ استصحاب عدم الحجّية كاستصحاب عدم الوجوب وعدم الحرمة ، فكما أنّه لا يتوقّف استصحاب عدم الوجوب والحرمة على أثر آخر وراء عدمها ، فكذلك استصحاب عدم الحجّية بلا انتظار أثر آخر وراء عدم الحجّية.
الأمر الثاني : أنّ الحكم الشرعي إمّا أن يكون مترتّبا على الواقع فقط فلا مجال حينئذ إلّا للاستصحاب لإحراز الواقع ، وإمّا أن يكون مترتّبا على الشكّ فقط ، فلا مورد حينئذ إلّا للقاعدة المضروبة لحكم الشكّ ، وقد يكون مترتّبا على كلّ من الواقع والشكّ ، فيكون المورد قابلا لجريان الاستصحاب
__________________
(١) الرسائل : ٣١.
(٢) حاشية الرسائل : ٤٣.