وسواء كان الظنّ بالخلاف أم لا ، من غير فرق في ذلك كلّه بين من قصد إفهامه بها وبين من لم يقصد ، ولا بين ظواهر الكتاب وغيره.
القول الثاني : إنّ حجّية الظواهر مشروطة بحصول الظنّ بالوفاق ، أي الظنّ بإرادة المتكلّم لها ، فمع عدمه لا تكون حجّة.
القول الثالث : إنّ حجّية الظواهر مشروطة بعدم حصول الظنّ بالخلاف ،فمع الظنّ بالخلاف لا حجّية لها.
والجواب عنها : أنّ المرجع في حجّية الظواهر هو بناء العقلاء ، ومعلوم أنّ العقلاء لا يعذرون العبد الذي خالف ظاهر كلام مولاه إذا اعتذر عن المخالفة بعدم الظنّ بالوفاق ، أو بحصول الظنّ بالخلاف ، فالظنّ بالخلاف غير قادح في حجّية الظواهر ، فضلا عن عدم الظنّ بالوفاق.
القول الرابع : ما أفاده المحقّق القمّي قدسسره (١) من التفصيل بين من قصد إفهامه بالكلام وبين من لم يقصد ، فيكون الكلام حجّة للأوّل دون الثاني. ووجه الفرق بينهما هو : أنّ عدم إرادة الظاهر بالنسبة إلى من قصد إفهامه لا بدّ وأن يكون لأحد احتمالين :
أحدهما : غفلة المتكلّم عن نصب القرينة على إرادته خلاف الظاهر.
ثانيهما : غفلة المخاطب المقصود بالإفهام وعدم التفاته إلى القرينة المنصوبة من قبل المتكلّم ، ومن الواضح أنّ العقلاء لا يعتنون بكلا الاحتمالين ؛ لأصالة عدم الخطأ والغفلة.
وأمّا بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه فليس احتمال إرادة خلاف الظاهر منحصرا بهذين الأمرين كي يرفع بأصالة عدم الخطأ والغفلة ، بل من الممكن
__________________
(١) انظر : قوانين الاصول ١ : ٣٩٨ ـ ٤٠٣ ، وج ٢ : ١٠٣.