أيضا من المقبولة ، بأنّ قوله عليهالسلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» يكون بمنزلة الكبرى الكلّيّة ، فدليل أمر الإمام عليهالسلام بأخذ الرواية المشهورة من حيث المفاد : أنّ كلّ مشهور لا ريب فيه ، فكلّ ما اتّصف بالشهرة فهو ممّا لا ريب فيه ، سواء كانت رواية أو فتوى ، وهذا نظير «لا تشرب الخمر لأنّه مسكر».
وأجاب عنه المحقّق النائيني قدسسره (١) بأنّ هذا التعليل ليس من العلّة المنصوصة ليكون من الكبرى الكلّيّة التي يتعدّى عن موردها ؛ إذ لا يصحّ حمل قوله عليهالسلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» على الشهرة الفتوائيّة بقول مطلق ، بل لا بدّ أن يكون المراد منه عدم الريب بالإضافة إلى ما يقابله ، وهذا يوجب خروج التعليل عن كونه كبرى كلّيّة ؛ لأنّه يعتبر في الكبرى صحّة التكليف بها ابتداء بلا ضمّ المورد إليها ، كما في قوله : «الخمر حرام لأنّه مسكر» ، فإنّه يصحّ أن يقال : «لا تشرب المسكر» بلا ضمّ الخمر إليه ، والتعليل الوارد في المقبولة ليس كذلك ؛ إذ لا يصحّ أن يقال : «يجب الأخذ بكلّ ما لا ريب فيه بالإضافة إلى ما يقابله» ، وإلّا لزم الأخذ بكلّ راجح بالنسبة إلى غيره وبأقوى الشهرتين وبالظنّ المطلق وغير ذلك من التوالي الفاسدة التي لا يمكن الالتزام بها.
ولكنّه مدفوع بأنّ المراد من «لا ريب فيه» هو عدم الريب بقول مطلق ولكن عرفا لا عقلا ، ومن الواضح أنّ اشتهار الرواية بحسب الفتوى من مصاديق «ما لا ريب فيه» بحيث يعدّ الطرف الآخر شاذّا لا يعتنى به عند العرف والعقلاء ، وهذا غير موجود في الموارد التي عدّها قدسسره مثل أقوى الشهرتين ، فلا يصدق عرفا على أقوى الشهرتين بأنّها لا ريب فيه بقول مطلق ، بحيث يعدّ الطرف الآخر ـ أي الشهرة التي تقابلها ـ شاذّا لا يعتنى به
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ١٥٤ ـ ١٥٥.