عدم الشرب في المثال مرفوعا وجعله كالشرب. ومن الواضح أنّ حديث الرفع لا يتكفّل الوضع بل مفاده الرفع.
وقد اجيب عنه بوجوه :
الأوّل : ما أفاده المحقّق العراقي قدسسره (١) من أنّ مرجع رفع الشيء ـ بعد أن كان ـ إلى الرفع بالعناية الراجع إلى خلوّ صفحة التشريع عن حكمه وعدم أخذه موضوعا لأحكامه ، ولا يكاد يفرّق بين رفع الفعل أو الترك ؛ إذ كما أنّ رفع الوجود في عالم التشريع عبارة عن رفع الأثر المترتّب عليه وخلوّه عن الحكم في عالم التشريع كذلك في رفع العدم ، حيث إنّ مرجع رفعه إلى رفع الأثر المترتّب على هذا العدم الراجع إلى عدم أخذه موضوعا للحكم بالفساد ووجوب الإعادة ـ مثلا ـ بملاحظة دخل نقيضه وهو الوجود في الصفحة ، لا أنّ مرجع رفعه إلى قلب العدم بالوجود وتنزيله منزلة الموجود ، أو تنزيل الموجود منزلة المعدوم كي يشكل بأنّ رفع المعدم لا يكون إلّا بالوضع ، وحديث الرفع لا يتكفّل الوضع.
وفيه : أوّلا : أنّ الرفع لو كان متعلّقا بموضوعيّة الموضوعات للأحكام لكان رفعا حقيقيّا ، بخلاف ما إذا تعلّق بنفس هذه الموضوعات ، فإنّه حينئذ يكون ادّعائيّا ومحتاجا إلى مصحّح الادّعاء ، والمحقّق العراقي قدسسره ممّن التزم بكون الرفع في الحديث ادّعائيّا ، وهو ينافي كلامه هنا.
وثانيا : أنّه على خلاف ظاهر الحديث ، فإنّ ظاهره هو تعلّق الرفع بنفس هذه الموضوعات والعناوين التسعة ، لا أنّ الرفع متعلّق بموضوعيّة هذه الموضوعات للأحكام ، ومن الواضح أنّ موضوعيّة الموضوع حيثيّة زائدة على
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٢١٩.