فكون الموضوع مرفوعا إنّما يصحّ فيما إذا كانت جميع آثاره مرفوعة لا بعضها.
ومن هنا يظهر : أنّ رفع الموضوع بلحاظ مرفوعيّة بعض آثاره يتوقّف على تصحيح ادّعاءين : دعوى أنّ رفع بعض الآثار رفع لجميع الآثار ، ودعوى أنّ رفع جميع الآثار وخلوّ الموضوع من كلّ أثر مساوق لرفع نفس الموضوع.
الاتّجاه الثالث : أنّ المصحّح هو رفع جميع الآثار ، وهذا الاتّجاه هو الصحيح ؛ إذ أوّلا : أنّ الرفع في الحديث وقع موقع الامتنان المناسب لارتفاع جميع الآثار ، وثانيا : أنّ ذلك مقتضى إطلاق الرفع ، وثالثا : أنّ هذا الاتّجاه لا يحتاج إلّا إلى ادّعاء واحد ، وهو ادّعاء أنّ رفع جميع الآثار وخلوّ الموضوع عن أيّ أثر مساوق لرفع نفس الموضوع.
الأمر الخامس ـ في شمول الحديث للامور العدميّة : بعد أن أثبتنا أنّ المرفوع هو عموم الآثار يقع البحث في أنّ المرفوع هل هو خصوص الآثار الوجوديّة أو يعمّ الآثار العدميّة أيضا؟
ذهب المحقّق النائيني قدسسره (١) إلى الأوّل ، فالمكلّف إذا اكره على الترك أو اضطرّ إليه أو نسي الفعل لا يشمله حديث الرفع ، وعليه لو نذر المكلّف أن يشرب من ماء الفرات فاكره على العدم أو اضطرّ إليه أو نسي أن يشرب ، فمقتضى القاعدة وجوب الكفّارة عليه لو لم تكن أدلّة وجوب الكفّارة مختصّة بصورة تعمّد الحنث ومخالفة النذر عن إرادة والتفات ، فإنّ شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم ، لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود ؛ لأنّ تنزيل المعدوم منزلة الموجود إنّما يكون وضعا لا رفعا ، والمفروض أنّ المكلّف قد ترك الفعل عن إكراه أو نسيان ، فلم يصدر منه أمر وجودي قابل للرفع ، ولا يمكن أن يكون
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٣٥٢ ـ ٣٥٣.