بل يكون بعض الامور العدميّة موضوعا للأحكام العقليّة ، مثل : ترتّب الكفّارة على حنث النذر ، وترك شرب ماء الفرات في المثال عن إرادة واختيار مع أنّه أمر عدميّ ، ومثل : استحقاق عقوبة من ترك واجب من الواجبات عقلا ، فيكون عدم الإتيان بالواجب موضوعا لاستحقاق العقوبة عند العقل.
فلا بدّ لنا من الالتزام بأنّ لعدم المضاف حظّ من الوجود في عالم الموضوعيّة للأحكام الشرعيّة والاعتبار ، فبالملاك الذي يرتّب الشارع الآثار الشرعيّة على ترك شرب ماء الفرات عمدا يرتّب على تركه عن إكراه عدم الكفّارة باستناد حديث الرفع ، فلا مانع من تعلّق الرفع بالامور العدميّة بعد عدم المانع عن كونها موضوعة للأحكام الشرعيّة.
الأمر السادس : أنّه لا شكّ في أنّه لا يرفع بحديث الرفع الحكم الثابت للموضوع بالعناوين المذكورة في الحديث ، فمثلا : وجوب سجدتي السهو المترتّب على نسيان بعض أجزاء الصلاة أو وجوب الدية المترتّب على قتل الخطأ لا يكون مرفوعا بحديث الرفع ، بل لا يمكن ذلك ، فإنّ مفاد حديث الرفع كون طروّ هذه العناوين التسعة موجبا لارتفاع الحكم الثابت للموضوع في نفسه من باب حكومة الحديث على ما يستفاد منه هذا الحكم ـ كحرمة شرب الخمر مثلا ـ وتصير دائرة حرمته مضيّقة بما لم يقع عن إكراه بواسطة حديث الرفع ، فلا يشمل الحكم الثابت لنفس هذه العناوين كالمثالين المذكورين ؛ إذ ما يكون موجبا ومقتضيا لثبوت الحكم ـ كالنسيان بالنسبة إلى وجوب سجدتي السهو وقتل الخطأ بالنسبة إلى وجوب الدية ـ لا يعقل أن يكون موجبا ومقتضيا لارتفاعه ، مع أنّ معنى حكومة حديث الرفع هنا عدم بقاء مورد لما يدلّ على وجوب الدية وسجدتي السهو أصلا ، لا تضييقه كما هو