شأن الحكومة.
الأمر السابع : في كون حديث الرفع مختصّا بالآثار التي لا يكون في رفعها ما ينافي الامتنان على الأمّة ، وذلك لأنّ مساق الحديث هو الامتنان والتلطّف على الامّة ، ومن هنا قالوا : إنّ إتلاف مال الغير نسيانا أو خطأ لا يرتفع معه الضمان بحديث الرفع ؛ إذ رفعه خلاف الامتنان بالنسبة إلى المالك.
ومن هنا أيضا فرّقوا بين المضطرّ إلى البيع والمكره عليه ، فحكموا بصحّة بيع الأوّل دون الثاني ؛ إذ نفي صحّة بيع المضطرّ خلاف الامتنان عليه.
الأمر الثامن : في حكومة حديث الرفع على الأدلّة الواقعيّة ، بمعنى كونه ناظرا إليها وموجبا للتضييق في مفادها ؛ إذ لا شكّ في أنّ مقتضى عموم أدلّة الأحكام الواقعيّة ثبوتها لموضوعاتها من دون دخل للخطإ والنسيان والإكراه وغيرها من العوارض والعناوين ، فيكون شرب الخمر حراما ويترتّب عليه الحدّ مطلقا بلحاظ عموم الأدلّة ، ولكنّ مقتضى الجمع بين الأدلّة الواقعيّة وحديث الرفع هو اختصاص الحكم الواقعي بغير صورة عروض تلك الحالات والعوارض ؛ لحكومة حديث الرفع عليها. وهذا ممّا لا خلاف فيه.
إنّما الكلام في أنّ كيفيّة حكومة حديث الرفع غير كيفيّة حكومة قاعدة «لا حرج» و «لا ضرر» ، أم لا؟ والمحقّق النائيني قدسسره (١) قائل بالفرق بينهما ، فإنّه قال : إنّ الحكومة في أدلّة نفي الضرر والعسر والحرج إنّما تكون باعتبار عقد الحمل ، حيث إنّ الضرر والعسر والحرج من العناوين الطارئة على نفس الأحكام ؛ إذ الحكم قد يكون ضرريّا أو حرجيّا ، وقد لا يكون ، وأمّا في دليل رفع الإكراه والاضطرار وغير ذلك إنّما تكون الحكومة باعتبار عقد الوضع ، فإنّه لا يمكن
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٣٤٧.