طروّ الإكراه والاضطرار والخطأ والنسيان على نفس الأحكام ، بل إنّما تعرض لموضوعاتها ومتعلّقاتها ، فحديث الرفع يوجب تضييق دائرة موضوعات الأحكام نظير قوله عليهالسلام : «لا شكّ لكثير الشكّ» ، و «لا سهو مع حفظ الإمام».
ويرد عليه : أوّلا : أنّ حديث الرفع لا يختصّ بالفقرات التي ذكرها قدسسره ؛ إذ من جملتها فقرة «ما لا يعلمون» ، وهي بناء على شمولها للشبهات الحكميّة ـ كما هو أساس الاستدلال به لقاعدة البراءة ـ تكون ناظرة إلى عقد الحمل ، فتكون حكومته نظير حكومة أدلّة نفي الضرر والحرج.
وثانيا : أنّ الضرر والحرج إنّما يعرضان أوّلا وبالذات على الموضوعات ، فإنّ الصوم والوضوء عند الضرر يكونان ضرريّين وإن لم يكونا محكومين بالوجوب ، وهذا يعني أنّ حكومة دليل نفي الضرر والحرج على الأدلّة الواقعيّة تكون باعتبار عقد الوضع لا عقد الحمل.
وثالثا : أنّ عدم إمكان عروض الخطأ والنسيان على نفس الأحكام من غرائب الكلام ، بداهة أنّهما كما يعرضان على الموضوعات يعرضان على نفس الأحكام أيضا.
هذا تمام الكلام في المقام الأوّل.
وأمّا المقام الثاني : ففي البحث عن فقرة «ما لا يعلمون» ، وهي محلّ الشاهد في بحث البراءة ، حيث تدلّ على أنّ الإلزام المحتمل من الوجوب أو الحرمة ممّا لا يعلم ، فهو مرفوع عن المكلّف ، وهذا هو معنى البراءة.
ولا شكّ في أنّ الاستدلال بهذا الحديث على البراءة في الشبهات الحكميّة إنّما يتمّ فيما إذا اريد من الموصول خصوص الحكم أو ما يعمّ الحكم والموضوع الخارجي ؛ إذ لو كان المراد من الموصول خصوص الفعل الصادر من المكلّف