بصلته ، فإنّ الشيء المضطرّ إليه لا ينطبق خارجا إلّا على الأفعال الخارجيّة ، وهكذا الشيء المكره عليه ، وهذا بخلاف الشيء المجهول فإنّه ينطبق أيضا على الحكم ، ومن الواضح أنّ الاختلاف بين المصاديق إنّما هو بلحاظ عالم الانطباق لا عالم الاستعمال ، وليس الموصول مستعملا في المصاديق حتّى يختلّ نظام وحدة السياق.
ألا ترى أنّه إذا قيل : ما يؤكل وما يرى في قضيّة واحدة لا يوجب انحصار أفراد الأوّل في الخارج ببعض الأفراد تخصيص الثاني أيضا بذلك البعض.
وهذا الجواب متين وصحيح لا إشكال فيه.
الأمر الثاني : أنّه لا إشكال في شمول الحديث للشبهات الموضوعيّة ، وهذا يعني أنّ إرادة الفعل من الموصول في فقرة «ما لا يعلمون» يقيني ، فإذا اريد به الحكم أيضا لزم استعمال الموصول في معنيين ، وهذا النحو من الاستعمال ممتنع كما قال به صاحب الكفايةقدسسره (١) ، أو غير جائز.
وفيه : مضافا إلى عدم امتناع استعمال اللفظ في أكثر من معنى ـ كما مرّ تحقيقه في مباحث الألفاظ ـ أنّ الموصول في الحديث لم يستعمل في الفعل ولا في الحكم ، بل استعمل في معنى واحد ، وهو معناه المبهم المرادف لمفهوم الشيء. نعم ، هذا المفهوم المبهم قد ينطبق على الفعل ، وقد ينطبق على الحكم ، وقد عرفت أنّ تعدّد المصاديق واختلافها لا يوجب تعدّد المعنى المستعمل فيه.
الأمر الثالث : أنّ مفهوم الرفع يقتضي أن يكون متعلّقه أمرا ثقيلا ، خصوصا مع ملاحظة أنّ حديث الرفع قد ورد في مقام الامتنان ، ومن الواضح أنّ الثقيل على المكلّف هو الفعل لا الحكم ؛ إذ الحكم فعل صادر من المولى ، فلا يعقل
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ١٧٤ ـ ١٧٥.